على كل حال: الأصل في الفعل الواقع من أهله الحل.
لكن لو ادعى مدعٍ أن المراد بقوله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ ما طبخوه من خبز ومرق وما أشبه ذلك، هل يقبل؟
الجواب: لا؛ لأن هذا حل من أهل الكتاب ومن غيرهم بالإجماع، حتى لو أن مجوسيًّا صنع لنا خبزًا نأكله، وذلك أن المحللات كما تقدم تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما لا يشترط لحله فعل فاعل، وهذا حلال من الكتابي وغير الكتابي.
الثاني: ما يشترط لحله فعل فاعل، وهذا حرام من غير أهل الكتاب، وقد تقدم هذا في التفسير.
لو قال قائل: إذا علم الإنسان أن لحم أهل الكتاب حرام لكونه ميتة أو لكونه ذبحه من لا تحل ذبيحته، أو لكون الذابح لم يذبحه على الطريقة المشروعة، فهل يخبر الناس أم يسكت؟
الجواب: يجب عليه أن يخبر، وقد ذكر العلماء ﵏ مثل ذلك فقالوا: يجب على من علم أن الماء النجس أن يخبر من أراد أن يستعمله، وكذلك لو رأيت إنسانًا يريد أن يأكل شيئًا مضرًا يجب عليك أن تخبره أنه ضار، هذا من باب النصيحة.
لو قال قائل: إن الدجاج الذي يرد من أوروبا إلى البلاد الإسلامية مذبوح على غير الطريقة الإسلامية، وقد ذهب نفر من التجار إلى بعض البلاد الأوروبية وتأكدوا من ذلك؟
الجواب: هل الدجاج الذي يذبح على غير الطريقة الإسلامية هو الذي يرد إلى البلاد الإسلامية أم يرد إلى بلاد أخرى، لا ندري، ثم لو أخبروا الجزارين لذبحوا على الطريقة الإسلامية؛ لأنهم يريدون الفائدة وإلا قالوا لهم: سنقاطعكم.