176

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Ma'idah

تفسير العثيمين: المائدة

Daabacaha

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٥ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

ويعبرون عن هذا على أنها حقيقة ومحلها في السماء، ولا يعد ذلك تناقضًا، ثم على فرض أنه تناقض في المخلوق وأنه لا تجتمع المعية حقيقة والعلو حقيقة، فهل يقاس الخالق بالمخلوق؟
الجواب: لا يقاس بل يقال: نثبت لله ما أثبته لنفسه من علوه ومعيته، ونعلم أنه لا تناقض بل هو عالٍ ومعنا ولا منافاة، إذًا: الجواب على هذا نقول: ليس بينهما تناقض للوجوه التالية:
أولًا: أن الله جمع لنفسه بينهما، وما جمع الله بينه في كتابه فليس فيه تناقض، إذ لو كان لما صدق قوله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]، فكل شيئين جمع الله بينهما فاعلم أنه لا تناقض بينهما.
ثانيًا: لا تناقض ولا منافاة بين المعية حقيقة والعلو حقيقة أبدًا؛ لأننا نحس بالواقع المشاهد المتفق عليه عند علماء اللغة أنه يقال للشيء إنه معنا وهو في مكانه في السماء بعيدًا عنا.
ثالثًا: على فرض أن هذا ممتنع في حق المخلوق فليس بممتنع في حق الخالق؛ لأن الله ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، في جميع نعوته، فهو عليٌّ في دنوه قريب في علوه، وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في العقيدة المباركة ألا وهي: العقيدة الواسطية، وبه أيضًا نسلم من إلزام أهل التأويل لأهل السنة حيث يقولون: أنتم تنكرون علينا التأويل وأنتم تؤولون؛ لأنك إذا قرأت ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)﴾ [الحديد: ٤]، كل هذه الضمائر تعود إلى الله ﷿، ما الذي يخرج المعية عن هذا؟

1 / 180