118

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Hujurat - Al-Hadid

تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد

Daabacaha

دار الثريا للنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» (^١) هذا هو الإحسان إلى الناس، أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من حسن الخلق، وطلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى إلى غير ذلك مما هو معروف، فهؤلاء محسنون في عبادة الله، ومحسنون إلى عباد الله، ثم ذكر نوعًا من هذا الإحسان فقال: ﴿كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون﴾ . (ما) هنا قيل: إنها زائدة في اللفظ، لكنها زائدة في المعنى، وأن التقدير: كانوا قليلًا يهجعون، أي لا ينامون إلا قليلًا: وماذا يصنعون في هذه اليقظة؟ يصنعون ما ذكره الله تعالى في سورة المزمل: ﴿إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطآئفة من الذين معك﴾ . فهم ليسوا يسهرون على اللهو واللغو، أو يستيقظون على مثله، ولكنهم يقل نومهم للتفرغ لطاعة الله ﷿: ﴿وبالأَسحار هم يستغفرون﴾ .
الأسحار: جمع سحر، وهو آخر الليل، ﴿هم يستغفرون﴾، يعني يسألون الله المغفرة، وهذا من حسن عملهم وعدم إعجابهم بأنفسهم، وكونهم يشعرون بأنهم وإن اجتهدوا فهم مقصرون، فيستغفرون الله بعد فعل الطاعة جبرًا لما حصل فيها من خلل، ويشرع في نهاية العبادات أن يستغفر الإنسان ربه مما قد يكون فيها من خلل، فبعد الصلاة يستغفر الإنسان ربه ثلاثًا، وبعد الحج قال الله تعالى: ﴿ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم﴾ فهم يسألون المغفرة بعد تهجدهم وقيامهم

(^١) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الأول فالأول (١٨٤٤) .

1 / 125