يَعْنِي أنها لا يتغير بها المعنى، وإنما تُسَكَّنُ للتخفيفِ.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [وفي أُخْرَى بِسُكُونِها وفتحِ النونِ مَصْدرًا]، (نَشْرًا) حينئذٍ يَتَغَيَّر المعنى. (نُشُرا) و(نُشْرا) معناهما وَاحِدٌ لا يختلف؛ لِأَنَّ التسكينَ للتخفيفِ، لكِن (نَشْرا) يَعْنِي يَنْشُرها نَشْرًا، هَذِهِ مختلِفةٌ، تكون مصدرًا.
ثم قَالَ ﵀: [وفي أُخرى: بسكونها وضمِّ الموحَّدة بدل النونِ]، سكون الشين وضمّ الموحدة بدل النون، وَهِيَ (بُشْرًا)، والموحَّدة هي (الباء)، وهَذِهِ هي القراءة المشهورة، ومعنى (بُشْرًا) عَلَى هَذَا أي مبشِّرات، يَعْنِي هي تبشِّر وليستْ مصدرًا وأن اللَّه يبشِّر بها، وإنما هي نفسها بُشْرًا.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [ومفرد الأُولى نَشُور؛ كرسول]، الأُولى "نُشُرًا" كرَسُول ورُسُل، ورسول ورُسْل، هَذَا مُفرد الأولى ما لم تكنْ مصدرًا، وَهِيَ "نَشْرًا"، فإن كَانَ مصدرًا فهي مفرد وليست جمعًا، والأخيرة "بُشْرًا" يقول المُفَسِّر ﵀: [والأخيرة مفردها بَشير]، صارت القراءات فِي هذه الكلمة أربعًا: "نُشُرًا" و"نُشْرا" و"نَشْرا" و"بُشْرا" (^١) وهذا من إعجاز القُرْآن.
وفائدةُ اختلافِ القراءاتِ أنْ يُؤخَذَ من كلِّ قراءةٍ معنًى، وعلى هَذَا فتكونُ الرياحُ الآنَ جامعةً بَيْنَ كونِها بِشارةً وكونِها منشورةً متفرِّقة بَيْنَ يَدَي المَطَرِ.
وقوله: ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ المراد بالرَّحمةِ هنا المطرُ، أو آثارُه، وهَذِهِ رحمةٌ مخلوقةٌ، لِأَنَّ الرَّحمةَ المضافةَ إِلَى اللَّه ﷾ تَنقسِم إِلَى قسمينِ؛ رحمة هي صِفَتُه، فهي غيرُ مخلوقةٍ، ورحمةٌ هي من آثارِ الصِّفةِ، فهي مخلوقةٌ، فقوله ﷾ للجنَّة:
(^١) المصدر السابق (ص: ٢٦٦).