أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ [الفرقان: ٤٢]، ثم توعَّدهم اللَّه ﷿ بأَنَّهُمْ حين يرون العذابَ سيعلمون من هو أضلُّ، هم أم النَّبي ﷺ؟
ثم ذكر اللَّه ﷾ استفهامًا مشربًا بالتعجُّب فيمن اتَّخذ إلهه هواه، فقال: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾.
قوله: ﴿أَرَأَيْتَ﴾ الخطاب للرسولِ ﷺ؛ لِأَنَّ السياق يدل عليه، ولا أظنّه هنا يصحّ أن نجعلَه لكلّ مَن يتأتَّى خطابه؛ لِأَنَّ قوله: ﴿أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ إِنَّمَا يناسب الرَّسول ﵊؛ كَقَوْلِهِ: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية: ٢٢].
يقول المُفَسِّر ﵀: [﴿أَرَأَيْتَ﴾ بمعنى أَخْبِرني]، كيف تكون بمعنى أخبِرني، هل الرؤية هي الخبر؟ لا، لكِن أُريد لازِمُها، يعني هل رأيتَ فأخبرني، يعني هَذَا ليس هو المعنى الحقيقيّ له، لَكِنَّهُ معنًى لازِم للرؤية الَّتِي بمعنى العِلم، فإن المستفهِم لا يريد من المخاطَب إذا قال: (أرأيت) لا يريد أن يَستفهِم عن كونه رأى، إِنَّمَا يريد أن يستفهِمَ عن لازمِ هَذِهِ الرؤية، وهو الإخبار، ولهذا يَقُولُونَ: إنها بمعنى أخبِرني، من بابِ إطلاق الملزومِ من لازمِه.
أمَّا بالنسبة لإعرابها، فهذا التركيب ﴿أَرَأَيْتَ﴾ يأتي كثيرًا في القُرْآن، ويَكُون ناصبًا لمَفْعُولينِ؛ الأول منهما اسْم، والثَّاني منهما جملة استفهاميَّة أو قَسَميَّة، ولْيُنْتَبَهْ لإعرابها؛ لِأنَّهَا مشكِلة، المَفْعُول الأول قُلْنا: إِنَّهُ يَكُون اسْمًا؛ إمّا مذكورًا وإما محذوفًا، هَذَا وَاحِد، المَفْعُول الثَّاني جملةٌ إمَّا استفهاميَّة أو قَسميَّة. (التاء) في ﴿أَرَأَيْتَ﴾ فاعل، وتكون مفردةً دائمًا، أو مجموعةً، مثل قوله تَعَالَى: ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٤٦]، أو مثناةً، مثل قولنا: أرأيتُما إن كان كذا وكذا، وقد يَلْحَقُها ضميرٌ، أي تلحقها الكاف لمجرَّد الدلالة على المخاطَب، ولا محلَّ له من الإعراب، يَكُون حرف خطابٍ لا محل