162

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، ذلك الكِتَاب يعني القُرْآن، لَكِنَّهُ أتى بـ (ذلك) اسْم الإشارة للبعيدِ تنبيهًا لعلوِّ مَرتبتِه، فهم أَتَوْا بهذا للتحقيرِ، يعني: أهذا القريب الَّذِي لدينا ونتصوَّره ونشاهده أهذا يُبعَث رسولًا، هكذا يَقُولُونَ، وأَرْدَفُوا ذلك بقولهِم: ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ [الفرقان: ٤٢].
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿إِن﴾ مخفَّفة من الثقيلة، واسْمها محذوف، أي إِنَّهُ ﴿كَادَ لَيُضِلُّنَا﴾ يصرِفنا ﴿عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾]، بئس الصبرُ هذا.
قوله: ﴿إِنْ كَادَ﴾ بمعنى قَرُب، و﴿إِن﴾ يقول المُفَسِّر ﵀: إنها مخفَّفة من الثقيلة؛ لِأَنَّ ﴿إِن﴾ كما هو معروف لها معانٍ كثيرة، والَّذِي يعيِّنها السياقُ، تأتي نافيةً، وتأتي شرطيَّة، وتأتي زائدةً، ولا تأتي ناصبةً، الَّتِي تأتي ناصبة (أن)، لكنها هنا مخفَّفة من الثقيلة؛ لِأَنَّ أصلها (إنَّ) فخُففتْ، وإذا خُففت من الثقيلة لزِم أن يَكُون اسْمها محذوفًا، ولا نقول: مستتِر؛ لِأَنَّ الاستتارَ يَكُون بالفعلِ، أو بما هو بمعناهُ، لكِن نقولُ: محذوف، والتقدير: إِنَّهُ كاد لَيُضِلّنا، و(كاد) بمعنى قرُب، والصواب أن كاد تأتي بمعنى قرب، سواء كانت منفيَّة أو مثبَتة، وَأَمَّا قول بعض النحْويين: إن نفيَها إثبات، وإثباتها نفيٌ، فليس بصحيحٍ، كما حقَّقه ابن هشام في المُغْنِي (^١)، بل هي دائمًا بمعنى القُرب، يعني: لقد قرب أن يُضِلَّنا عن آلهتنا، لكِن منع من هَذَا مانعٌ، وهو الصبرُ عليها، فهم في الحقيقة يُقرّون أن رسالة الرَّسول ﵊ خطيرة بالنسبة إليهم، لَكِنَّهُم يَتَمَدَّحون بأَنَّهُمْ ذوو صبرٍ بالغٍ عظيمٍ ﴿لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾ -يعني على عِبادتها- لكان الرَّسول ﵊ يُضِلُّنا، والصواب

(^١) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (ص ٨٦٨ وما بعدها)، ط. دار الفكر.

1 / 167