ولا نقول على الله ما لا نعلم؛ ولكن ننزه ربنا عما نزَّه نفسه عنه من مماثلة المخلوقين؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ [الشورى: ١١] ..
أما الخيانة فلا يوصف بها الله مطلقًا؛ لأن الخيانة صفة نقص مطلق؛ و"الخيانة" معناها: الخديعة في موضع الائتمان. وهذا نقص؛ ولهذا قال الله ﷿: ﴿وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم﴾ [الأنفال: ٧١]، ولم يقل: فخانهم؛ لكن لما قال تعالى: ﴿يخادعون الله﴾ [النساء: ١٤٢] قال: ﴿وهو خادعهم﴾ [النساء: ١٤٢]؛ لأن الخديعة صفة مدح مقيدة؛ ولهذا قال الرسول ﷺ: "الحرب خدعة" (^١)، وقال ﷺ: "لا تخن من خانك" (^٢)؛ لأن الخيانة تكون في موضع الائتمان؛ أما الخداع فيكون في موضع ليس فيه ائتمان؛ والخيانة صفة نقص مطلق ..
. ٣ ومن فوائد الآيتين: أن الله ﷾ قد يُملي للظالم حتى يستمر في طغيانه ..
فيستفاد من هذه الفائدة فائدة أخرى: وهي تحذير الإنسان
(^١) أخرجه البخاري ص ٢٤٣، كتاب الجهاد والسير، باب ١٥٧؛ الحرب خدعة، حديث رقم ٣٠٢٨؛ وأخرجه مسلم ص ٩٨٦، كتاب الجهاد والسير، باب ٥؛ جواز الخداع في الحرب، حديث رقم ٤٥٤٠ [١٨] ١٧٤٠.
(^٢) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٤١٤؛ وأخرجه أبو داود في سننه ص ١٤٨٥، كتاب البيوع، باب ٧٩: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، حديث رقم ٣٥٣٤؛ وأخرجه الترمذي ص ١٧٧٨، كتاب البيوع، باب ٣٨: أد الأمانة إلى من ائتمنك، حديث رقم ١٢٦٤؛ وأخرجه الدارمي في سننه ٢/ ٣٤٣، حديث رقم ٢٥٩٧، كتاب البيوع، باب ٥٧: في أداء الأمانة واجتناب الخيانة، قال الألباني في صحيح الترمذي: صحيح ٢/ ١٨، وقال عبد القادر الأرناؤوط في حاشية جامع الأصول: صحيح ٦/ ٣٢٣، حاشية رقم ١.