97

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

وقوله: ﴿وَلِقَائِهِ﴾ أي: يومُ القيامَةِ، يعني: كذَّبُوا باللِّقَاءِ اللازمِ منه البعثُ؛ لأن البعثَ لازِمٌ من لَوازِمِ اللِّقَاءِ، لا لقاءَ إلا بِبعْثٍ، ولقاءُ اللَّهِ ﷿ ثابتٌ بالكتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ المسلمينَ، قالَ اللَّهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق: ٦]، يعني: فأَنْتَ مُلاقِيهِ فجَازِيك على هذا الكَدْحِ إما خَيرًا وإما شَرًّا. وقوله: ﴿وَلِقَائِهِ﴾ يعْنِي: البَعْثَ؛ لأن المنْكِرينَ للبَعْثِ لا يؤمنونَ بلِقاءِ اللَّه؛ لأنهم يقولونُ -والعياذ باللَّه- إنهم إذا كانُوا عِظامًا ورُفاتًا فلا يمكِنُ أن يُبْعَثُوا خَلقًا جديدًا، فكذَّبوا بهذا. قوله: ﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾ جَزاءُ هذا التَكذيبِ اليأسُ مِنْ رَحمةِ اللَّه، قال المُفَسِّر ﵀: [أي: جَنَّتِي] فأوَّلها إلى الرَّحمَة المخلوقَةِ لا إلى الرَّحمةِ التي هي صِفَةُ اللَّه ﷾، وذلك لأنَّ الرَّحمَةَ المضافةَ إلى اللَّهِ قد يُرادُ بها دَارُ رَحمتِهِ فتكونُ مخلوقَةً، كما في الحديث القُدُسِيِّ أن اللَّه ﷿ قال للجنَّةِ: "أَنْتِ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ" (^١)، وتُطْلق على الرَّحمة التي وُصِف اللَّه ﷿ بها، وحينئذٍ تكونُ صفةً مِن صِفاتِ اللَّهِ غيرَ مخلوقَةٍ، ومنه قوله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، وقوله: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧]. فما المرادُ بالرَّحمةِ في هذه الآية؛ هل المرادُ بها النوعُ الأوَّلُ: الرّحمةُ المخلوقةُ التي هي موضِعُ الرَّحمةِ، أو الرحمةُ التي هي صِفَتُهُ؟ الظاهرُ: أن المرادَ بها الرَّحمةُ التي هي صِفَتُهُ؛ لأنه إذا أُطلِقَتِ الرَّحمةُ مضافَةً إلى اللَّه فالمرادُ بها الصِّفَةُ، فلا نَحمِلُها على أنها موضِعُ الرَّحمةِ إلا إذا وُجِدتْ قَرينَةٌ،

(^١) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب تفسير سورة (ق)، رقم (٤٥٦٩)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، رقم (٢٨٤٦).

1 / 101