الآية (٢٤)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [العنكبوت: ٢٤].
* * *
قوله تعالى في قِصَّةِ إبراهيمَ: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾، الجُملةُ على رَأيِ المُفَسِّر مُعترِضَةٌ من قولِهِ: ﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [العنكبوت: ١٨]، إلى قوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [العنكبوت: ٢٣]، هذا ما ذَهَب إليه المُفَسِّر وابنُ جَريرِ وأكثرُ المفسِّرِينَ.
وقال بعضُ المفسِّرِينَ: إن الكلامَ كلَّه مِن كلامِ إبراهيمَ وليس فيه شيءٌ معْتَرَضٌ، واختارَ هذا ابنُ كَثيرٍ (^١)، وقال: إن الكلامَ كلَّه مِن كلامِ إبراهيمَ ﵇، لكن قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾ [العنكبوت: ٢٣]، فيَرَوْنَ أنه من كَلامِ اللَّهِ.
أما قوله ﷾: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ [العنكبوت: ٢٠]، فالظاهِرُ مِنْ سياقِ الآيات أن الكلامَ ليس مِن كلامِ إبراهيمَ، بل هو مِنْ كلام اللَّهِ ﷿ مُعْتَرضٌ في القصة، والقول بأنه مِنْ كلام إبراهيمَ لا يستَقِيمُ مع السياقِ إِلَّا بالتكلُّفِ، وذلك بأن نقولَ: لما كان رَسُولًا مِنَ اللَّهِ كان خطابَ اللَّه تعالى على لِسَانِهِ وإن كان مُضَافًا إلى اللَّه، فهذا هو وجهُ التكَلُّفِ.