ومثال الذي يراد به الإحاطة: قول الله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١)﴾ [المجادلة: ١].
فقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ المراد بالسمع هنا سمع الإجابة وسمع الصوت، إذًا يراد بها المعنيان، وكذلك قول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: ٣٩] يشمل سمع الصوت والإجابة؛ لأنه يسمعه ثم يجيبه، وأيضًا قول الله ﵎: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١)﴾ [الأنفال: ٢١] هذا نص صريح؛ لأن قوله: ﴿سَمِعْنَا﴾، يعني: إدراك الصوت وقوله: ﴿وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾، أي: لا يستجيبون، وإلا فهم يسمعون بآذانهم.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: اختصاص الله ﵎ بملك كل شيء، وجه الاختصاص تقديم الخبر ﴿وَلَهُ﴾؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، ولهذا قلنا إن قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥] توحيد خالص بمعنى: لا نعبد إلا إياك، وكذلك نقول: في إياك نستعين.
الفائدة الثانية: أن السكون والحركة بيد الله ﷿؛ لأن مالك مَنْ يسكن ويتحرك مالك للحركة والسكون، فيكون في هذا دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهذا هو مذهب السلف وأهل السُّنَّة، وهو وسط بين مذهبي الجبرية والقدرية.
الفائدة الثالثة: إثبات هذين الاسمين (السميع والعليم)، وإثبات ما تضمناه من صفة، صفة السمع في السميع، والعلم في العليم.
* * *