153

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-An'am

تفسير العثيمين: الأنعام

Daabacaha

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

لكنها متأخرة، وقد ذكرها علماء أهل البلاغة حينما تكلموا على الخبر وأقسامه، وأنه ابتدائي وطلبي وإنكاري، وتكلموا على حروف التوكيد، فمن أراد استيعابها فليرجع إليها.
قوله: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ أطلق الله ﷿ الخسارة، ولم يقل (خسروا أنفسهم)، ولا أهليهم، ولا شيء، فيكون ذلك خسرانًا مطلقًا، وصدق الله ﷿، فما أخسر الذين كذبوا بلقاء الله! لأن هؤلاء لن يعملوا للقاء الله، فيكون وجودهم في الدنيا خسرانًا لا فائدة منه، بل فيه مضرة؛ لأن وجود الإنسان في الدنيا مع كفره بالله ﷿ شرٌّ من كونه لم يوجد أصلًا، وشرٌّ من وجود البهائم؛ لأن البهائم توجد في الدنيا ثم تفنى، ثم تبعث يوم القيامة ولا حساب عليها، وهذا عليه حساب، ولهذا تمنى بعض الصحابة ﵃، ومنهم عمر بن الخطاب أنه شجرة تعضد، أي: تقطع، وقال: "وددت أن أخرج منها - أي: من الدنيا - كفافًا لا عليَّ ولا لي " (^١)، هذا وهو عمر ﵁، فما بالك بمن دونه؟ فكل من لم يعمر أوقاته بطاعة الله ﷿ ونعوذ بالله أن يجعلنا منهم - فإنه خاسر، فاته الربح.
وقوله: ﴿كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾، أي: باللقاء معه، والله ﷾ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)﴾ [الانشقاق: ٦] لا بد أن هذا الذي أمرك، ونهاك

(^١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب: قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان (٣٧٠٠)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: الاستخلاف وتركه (١٨٢٣).

1 / 157