145

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

حقيقةً ﴿فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ﴾]، فإذا ذهَبَ الخَوْفُ صار هؤلاءِ الذين كانوا حين الخَوْف كالمَغشِيِّ عليه من الخَوْف صاروا يَنطِقون بطَلاقةِ، ﴿سَلَقُوكُمْ﴾ يَعنِي: أَصابوكم بشِدَّة ﴿بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ أي: شَديدةٍ قوِيَّةٍ. والمُراد بالأَلسِنة هنا الكلامُ؛ لأن الكلام يُعَبَّر عنه باللسان، المَعنى: أنهم يُجادِلون ويُناظِرون ويَقولون: نحن معَكم، نحن نُساعِد، نحن خرَجنا، وما أَشبَه ذلك، كما قال اللَّه تعالى في سورة النساء: ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾ [النساء: ١٤١] وأبْدَوا وأَعَادوا في غَلبتهم للمُسلِمين؛ لأنه لا شَكَّ أن الإنسان قد يَغلِب خَصْمه بالكلام كما قال اللَّه تعالى في قِصَّة داودَ ﵇: ﴿وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣] غلَبَني، والإنسان اللَّسِن الذي عنده بَيان وعنده فَصاحة قد يَغلِب ولو كان على باطِل. ولهذا قال النبيُّ ﵊: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِليَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِىَ لَهُ بِنَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ" (^١)، يَعنِي: وإن كان على باطِل؛ فالإنسان قد يَغلِب ببَيانِه الحقَّ؛ ولهذا كما تَعلَمون جاء في الحديث الصحيح: "إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا" (^٢)، فهؤلاءِ المُنافِقون الذين في حال الخوف على الصورة التي صوَّرها اللَّه ﷾: ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ لكِن ﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ﴾ واطمَأنُّوا ﴿سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ يَعنِي: أَصابوكم بشِدَّة بهذه الأَلسِنة الحِداد.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم والغصب، باب إثم من خاصم في باطل، رقم (٢٤٥٨)، ومسلم: كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، رقم (١٧١٣)، من حديث أم سلمة ﵂. (^٢) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب الخطبة، رقم (٥١٤٦)، من حديث ابن عمر ﵄.

1 / 150