Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar
تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر
Baare
د عبد الله بن عبد المحسن التركي
Daabacaha
دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Noocyada
فَإِذَا كَانَ تَفَاضُلُ مَرَاتِبِ الْبَيَانِ، وَتَبَايُنُ مَنَازِلِ دَرَجَاتِ الْكَلَامِ، بِمَا وَصَفْنَا قَبْلُ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ أَحْكَمَ الْحُكَمَاءِ، وَأَحْلَمَ الْحُلَمَاءِ؛ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَبْيَنَ الْبَيَانِ بَيَانُهُ، وَأَفْضَلَ الْكَلَامِ كَلَامُهُ، وَأَنَّ قَدْرَ فَضْلِ بَيَانِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَى بَيَانِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، كَفَضْلِهِ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرَ مُبِينٍ مِنَّا عَنْ نَفْسِهِ مَنْ خَاطَبَ غَيْرَهُ بِمَا لَا يَفْهَمُهُ عَنْهُ الْمُخَاطَبُ؛ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُخَاطِبَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا بِمَا يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُ، وَلَا يُرْسِلُ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ رَسُولًا بِرِسَالَةٍ إِلَّا بِلِسَانٍ وَبَيَانٍ يَفْهَمُهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ وَالْمُرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَفْهَمْ مَا خُوطِبَ بِهِ وَأُرْسِلَ بِهِ إِلَيْهِ، فَحَالُهُ قَبْلَ الْخِطَابِ وَقَبْلَ مَجِيءِ الرِّسَالَةِ إِلَيْهِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ، إِذْ لَمْ يُفِدْهُ الْخِطَابُ وَالرِّسَالَةُ شَيْئًا كَانَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ جَاهِلًا، وَاللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يُخَاطِبَ خِطَابًا أَوْ يُرْسِلَ رِسَالَةً لَا تُوجِبُ فَائِدَةً لِمَنْ خُوطِبَ أَوْ أُرْسِلَتْ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِينَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ النَّقْصِ وَالْعَبَثِ، وَاللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ مُتَعَالٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤]، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤] . فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ بِهِ مُهْتَدِيًا مَنْ كَانَ بِمَا يُهْدَى إِلَيْهِ جَاهِلًا، فَقَدْ تَبَيَّنَ إِذًا بِمَا عَلَيْهِ دَلَّلْنَا مِنَ الدَّلَالَةِ أَنَّ كُلَّ رَسُولٍ لِلَّهِ جَلَّ
1 / 11