Tafsir Al-Sha'rawi

Al-Sharawi d. 1418 AH
80

Tafsir Al-Sha'rawi

تفسير الشعراوي

Noocyada

[ص: 76] وقوله

أأسجد لمن خلقت طينا

[الإسراء: 61] كل هذا ينبغي أن ينبه آدم إلى أن إبليس لن يأتي له بخير أبدا. والحق سبحانه وتعالى لم يكتف بالدلالات الطبيعية التي نشأت عن موقف إبليس في رفضه السجود، بل أخبر آدم أن الشيطان عدو له ولزوجه.. يقول الحق سبحانه وتعالى: { فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه } [البقرة: 36] مم أخرجهما؟ من العيش الرغيد، واسع النعمة في الجنة، ومن الهدوء والاطمئنان في أن رزقهما يأتيهما بلا تعب. ولذلك سيأتي الحق في آية أخرى ويقول:

فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى

[طه: 117]. وهنا لابد أن نتساءل: لماذا لم يقل فتشقيا؟ إن هذه لفتة من الحق سبحانه وتعالى.. إلى مهمة المرأة، ومهمة الرجل في الحياة. فمهمة المرأة أن تكون سكنا لزوجها عندما يعود إلى بيته، تذهب تعبه وشقاءه، أما مهمة الرجل فهي العمل حتى يوفر الطعام والمسكن لزوجته وأولاده، والعمل تعب وحركة. وهكذا لفتنا الحق تبارك وتعالى إلى أن مهمة الرجل أن يكدح ويشقى، ثم يأتي إلى أهله فتكون السكينة والراحة والاطمئنان. إذا كانت هذه هي الحقيقة، فلماذا يأتي العالم ليغير هذا النظام؟ نقول إن العالم هو الذي يتعب نفسه. ويتعب الدنيا. فعمل المرأة شقاء لها، فمهمتها هي البيت، وليس عندها وقت لأي شيء آخر، فإذا عملت فذلك على حساب أولادها وبيتها وزوجها.. ومن هنا ينشأ الشقاء في المجتمع، فيضيع الأولاد، ويهرب الزوج إلى مكان فيه امرأة تعطيه السكن الذي يحتاج إليه، وينتهي المجتمع إلى فوضى. وكان يجب على آدم أن يتنبه إلى أن إبليس يعتبره السبب في طرده من رحمة الله فلا يقبل منه نصيحة ولا كلاما، ويحتاط.. كيف أزل الشيطان آدم وزوجه؟ لقد بين الله سبحانه وتعالى لنا هذا، ولكن ليس في سورة البقرة، وإنما في آية أخرى .. فقال تعالى:

فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين

[الأعراف: 20]. إذن: فإبليس قال كاذبا: إن من يأكل من هذه الشجرة يصبح ملكا، ويصبح خالدا لا يموت.. ووسوسة الشيطان تتم بكلام كاذب لتزيين المعصية، والشيطان لا يهمه أي معصية ارتكبت، وإنما يريدك عاصيا على أي وجه. ولكن النفس عندما توسوس لك بالمعصية، تريد شيئا بذاته، وهذا هو الفرق بين وسوسة الشيطان، ووسوسة النفس، فالشيطان يريدك عاصيا بأي ذنب، فإن امتنعت في ناحية أتاك من ناحية أخرى، فقد قال لآدم:

هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى

[طه: 120]. ولكن هذه المحاولة لم تفلح، فقال لهما:

ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين

Bog aan la aqoon