Tafsir Al-Sha'rawi

Al-Sharawi d. 1418 AH
64

Tafsir Al-Sha'rawi

تفسير الشعراوي

Noocyada

[غافر: 57]. وقول الله سبحانه وتعالى: { ثم إليه ترجعون } [البقرة: 28].. هو اطمئنان لمن آمن.. وما دمنا إليه نرجع ومنه بدأنا. فالحياة بدايتها من الله ونهايتها إلى الله، فلنجعلها هي نفسها لله.. ولابد أن نلتفت إلى أن الله تبارك وتعالى أخفى عنا الموت زمانا ومكانا وسببا وعمرا.. لم يخفه ليحجبه، وإنما أخفاه حتى نتوقعه في كل لحظة.. وهذا إعلام واسع بالموت حتى يسرع الناس إلى العمل الصالح، وإلى المثوبة. لأنه لا يوجد عمر متيقن في الدنيا.. فلا الصغير آمن على عمره، ولا الشاب آمن على عمره، ولا الكهل آمن على عمره.. ولذلك يجب أن يسارع كل منا في الخيرات حتى لا يفاجئه الموت، فيموت وهو عاص.. ونلاحظ أن قصة الحياة جاء الله بها في آية واحدة.

والرجوع إلى الله - وهو يقين بالنسبة للمؤمنين - يلزمهم بالمنهج، فيعيشون من حلال. والتزامهم هذا هو الذي يقودهم إلى طريق الجنة. ويطمئنهم على أولادهم بعد أن يرحل الآباء من الدنيا. فعمل الرجل الصالح ينعكس على أولاده من بعده. واقرأ قوله سبحانه وتعالى:

وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا

[النساء: 9]. إذن: فصاحب الالتزام بالمنهج، يطمئن إلى لقاء ربه ويطمئن إلى جزائه، والذي لا يؤمن بالآخرة أخذ من الله الحياة فأفناها فيما لا ينفع. ثم بعد ذلك لا يجد شيئا إلا الحساب والنار.. واقرأ قوله تبارك وتعالى:

والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مآء حتى إذا جآءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب

[النور: 39]. أي أن الكافر سيفاجأ في الآخرة بالله الذي لم يكن في باله أنه سيحاسبه على ما فعل.. وقوله تعالى " إليه ترجعون " تقرأ قراءتين. بضم على التاء. ومرة بفتحها. الأولى معناها. أننا نجبر على الرجوع، فلا يكون الرجوع إلى الله تعالى بإرادتنا، وهذا ينطبق على الكفار الذين يتمنون عدم الرجوع إلى الله، أما الثانية " ترجعون " فهذه فيها إرادة. وهي تنطبق على المؤمنين لأنهم يتمنون الرجوع إلى الله.

[2.29]

يذكرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه هو الذي خلق ما في الأرض جميعا، وقد جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى:

فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون

[البقرة: 28] لتلفتنا إلى أن ما في الأرض كله ملك لله جل جلاله، وأننا لا نملك شيئا إلا ملكية مؤقتة. وأن ما لنا في الدنيا سيصير لغيرنا. وهكذا. والحق سبحانه وتعالى حين خلق الحياة وقال

Bog aan la aqoon