Tafsir Al-Sha'rawi

Al-Sharawi d. 1418 AH
54

Tafsir Al-Sha'rawi

تفسير الشعراوي

Noocyada

إذا جآء نصر الله والفتح

[النصر: 1] فمعنى ذلك أن نصر الله آت لا محالة. و " إن " حرف و " إذا " ظرف، وكل حدث يحتاج إلى مكان وزمن. فإذا جئت بأداة الشرط فمعنى ذلك أنك تقربها من عنصر تكوين الفعل والحدث. فإذا أردت أن تعبر عن شيء سيتحقق تقول إذا، وإذا أردت أن تشكك فيه تقول " إن " والله سبحانه وتعالى قال " فإن لم تفعلوا " ولأن الفعل ممكن الحدث أراد أن يرجح الجانب المانع فقال: " ولن تفعلوا " هذا أمر اختياري. فإذا تكلمت عن أمر اختياري ثم حكمت أنه لن يحدث، فكأن قدرتك هي التي منعته من الفعل، فلا يقال إنك قهرته على ألا يفعل. لا، بل علمت أنه لن يفعل. فاستعداداته لا يمكن أن تمكنه من الفعل. وهذه أمور ضمن اخبارات القرآن الكريم في القضايا الغيبية التي أخبر عنها، فعندما يقول الله سبحانه وتعالى

وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم..

[النمل: 14] معناها: أنهم مصدقون، ولكن ألسنتهم لا تعترف بذلك. وقوله تعالى { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا.. } [البقرة: 24] معناها: أن الشك مفتعل في نفوسهم هم لا يريدون أن يؤمنوا ولذلك يأتون بسبب مفتعل لعدم الإيمان. لقد استقر فكرهم على أنهم لا يؤمنون، وما دام هذا هو ما قررتموه. فإنكم ستظلون تبحثون عن أسباب ملفقة لعدم الإيمان.

وقوله تعالى: { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة.. } [البقرة: 24]. الحق سبحانه وتعالى يريد هنا أن يلفتنا إلى صورة أخرى عن عجز هؤلاء الكفار. فهم بحثوا عن أعذار، ليبرروا بها عدم إيمانهم، وتظاهروا بأنهم يشكون في القرآن الكريم. فكأنه يقول لهم : لو كانت لكم قدرة وذاتية فعلا فامنعوا أنفسكم من دخول النار يوم القيامة. كما منعتم انفسكم من الإيمان في الدنيا. وهذا وعيد من الله. لقد أعطاهم ذاتية الاختيار في الدنيا، ولم يختاروا قهرا بل اختاروا عدم الإيمان بمشيئة الاختيار التي أعطاه الله لهم، ولكن هناك وقتا ليس فيه اختيار وهو الآخرة، فحاولوا أن تتقوا في الآخرة عذاب النار يوم القيامة، ولكن لن يكون لأحد اختيار، فالله سبحانه وتعالى يقول في ذلك اليوم:

لمن الملك اليوم لله الواحد القهار

[غافر: 16]. ويقول جل جلاله:

يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله

[الانفطار: 19]. فإرادتكم التي منعتكم من الإيمان.. لن تقيكم يومئذ من عذاب النار. واقرأ قوله تعالى:

إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون

Bog aan la aqoon