. يصومه الناس صيفا في مناطق محددة. وشتاء في مناطق محددة ولا يختلف أبدا.. فيظل رمضان يأتي في الصيف والحر دائما بالنسبة لبعض الناس.. وفي الشتاء والبرد دائما بالنسبة لبعض الناس. ولكن لأن السنة الهجرية تقوم على حساب الهلال .. فمعنى ذلك أن كل نفحات الله في كونه تأتي في كل الفصول والأزمان.. فتجد رمضان في الصيف والشتاء، وكذلك وقفة عرفات وكذلك كل المناسبات الدينية الطيبة.. لأن السنة الهجرية تنقص أحد عشر يوما عن السنة الميلادية، والفرق سنة كل ثلاث وثلاثين سنة. والحق سبحانه يقول: { ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون } [البقرة: 51]. يريد أن يمحص بني إسرائيل، ويبين لنا كفرهم بنعم الله. فالله نجاهم من آل فرعون، ولم يكادوا يعبرون البحر حتى رأوا قوما يعبدون الأصنام.. فقالوا كما يروى لنا القرآن الكريم:
يموسى اجعل لنآ إلها كما لهم آلهة..
[الأعراف: 138]. حدث هذا بمجرد خروجهم من البحر سالمين.. موسى عليه السلام أخذ النقباء وذهب لميقات ربه.. وترك أخاه هارون مع بني إسرائيل.. وبنو إسرائيل عندما كانوا في مصر، وكانوا يخدمون نساء آل فرعون.. أخذوا منهن بعض الحلي والذهب خلسة.. ومع أن فرعون وقومه متمردون على الله تبارك وتعالى.. فإن هذا لا يبرر سرقة حلي نسائهم.. فنحن لا نكافئ من عصى الله فينا بأن نعصي الله فيه.. ونصبح متساوين معهم في المعصية، ولكن نكافئ من عصى الله فينا بأن نطيع الله فيه. وأبو الدرداء رضي الله عنه حينما بلغه أن شخصا سبه. بعث له كتابا قال فيه: يا أخي لا تسرف في شتمنا.. واجعل للصلح موضعا فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.. بنو إسرائيل سرقوا بعض حلي نساء آل فرعون.. فجعلها الله فتنة لإغوائهم.. وزين لهم الشيطان أن يصنعوا منها عجلا يعبدونه.. صنعه لهم موسى السامري الذي رباه جبريل.. فأخذ الحلي وصهرها ليجعلها في صورة عجل له خوار.. وقال لهم هذا إلهكم وإله موسى. أتعرف لماذا فتنهم الله سبحانه وتعالى بالعجل؟ لأن الذهب المصنوع منه العجل من أصل حرام.. والحرام لا يأتي منه خير مطلقا.. ولابد أن نأخذ العبرة من هذه الواقعة.. وهي أن الحرام ينقلب على صاحبه شرا ووبالا، إن كان طعامك حراما يدخل في تكوين خلاياك ويصبح في جسدك الحرام.. فإذا دخل الحرام إلى الجسد يميل فعلك إلى الحرام.. فالحرام يؤرق الجسد ويسوقه إلى المعاصي. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: { يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } وقال تعالى: { يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } ، ثم ذكر، الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ".
وقد حصل لبني إسرائيل الشيء نفسه وسرقوا ذهب آل فرعون فانقلب عليهم ظلما، وقال الله تعالى عنهم: { ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون } [البقرة: 51]. وعد الله لموسى كما قال أهل العلم كان ثلاثين ليلة.. إتمام الثلاثين ليلة يؤتيه ما وعد.. وكلمة وعد هي الإخبار بشيء سار. والوعيد هي الإخبار بشيء سيئ.. فإذا سمعت وعدا فاعرف أن ما سيجيء بعدها خير.. وإن سمعت وعيدا تعرف أن ما بعدها شر، إلا آية واحدة وهي قوله سبحانه وتعالى:
النار وعدها الله الذين كفروا..
[الحج: 72]. فهل الوعد هنا بخير أو المعنى اختلف؟.. نقول: إن كانت النار موعودا فهي شر.. وإن كانت النار هي الموعودة والكفار هم الموعود بهم فهي خير للنار لأن النار تفرح بتعذيب الكافرين من عباد الله.. ونعرف هذا الفرح من قوله تعالى:
يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد
[ق: 30]. ولا يستزيد الإنسان إلا من شيء يحبه.. والنار - ككل شيء مسخر - مسبحة لله تكره العصاة.. ولكنها غير مأمورة بحرقهم في الدنيا، ولكن في الآخرة تكون سعيدة وهي تحرق العصاة والكافرين.
[2.52]
Bog aan la aqoon