138

Tafsir Al-Samin Al-Halabi - From Ayah 138 of Surah Al-Imran to the End of the Surah

ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة

Noocyada

المسألة الثامنة: معنى ﴿اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ﴾
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٥٥]
أصل الخلاف في المسألة:
(الألف والسين والتاء تدلُّ على الطلب)؛ هذا هو المشهور المعتاد، لكنه ليس بلازمٍ في كل الأحوال، والمسألة هنا تبحث في قوله تعالى: ﴿اسْتَزَلَّهُمُ﴾؛ هل فيه معنى الطلب أم لا؟
نص المسألة:
قال السمين الحلبي ﵀: "و﴿اسْتَزَلَّهُمُ﴾ طلب منهم الزلَّة؛ قال الزمخشري: «طلب منهم الزلل ودعاهم إليه، ﴿بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ﴾ من ذنوبهم، ومعناه: أن الذين انهزموا يوم أُحد كان السبب في توليهم أنهم كانوا أطاعوا الشيطان فاقترفوا ذنوبًا، فلذلك منعتهم التأييد وتقوية القلوب حتى تولوا» (^١)، ولما حكى الشيخ هذا المعنى قال: «هكذا قالوه، ولا يلزم من طلب الشيء واستدعائه حصوله، فالأولى أن يكون (استفعل) هنا بمعنى (أفعل)، فيكون المعنى: أزلَّهم الشيطان، فيدل على حصول الزلل، ويكون (استزل) و(أزل) بمعنى واحد، كـ (استبان) و(أبان)، و(استبلَّ) و(أبلَّ)، كقوله تعالى ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ [البقرة: ٣٦] على أحد تأويلاته، واستزلالُ الشيطان إياهم سابق على وقت التولي؛ أي: كانوا أطاعوا الشيطان واجترحوا ذنوبًا قبلُ منعتهم النصرَ ففروا» (^٢).
وهذا الذي قاله الشيخ وإن كان رجح اللفظ نقيضه إلا أن السياق والقرائن يدل على المعنى الذي ذكره المفسرون" (^٣).

(^١) الكشاف للزمخشري (١/ ٤٣٠).
(^٢) البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٣٩٨).
(^٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٥٦ - ٤٥٧).

1 / 138