Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

Muhammad al-Hilal d. Unknown
55

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

Noocyada

سورة البقرة [٢: ٤٤] ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: ﴿أَتَأْمُرُونَ﴾: الهمزة: همزة استفهام، توبيخ، وتحذير، وتعجب. ﴿النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾: هو الخير، الواصل إلى الغير، مع القصد والنية، إلى ذلك، وضده العقوق؛ ويشمل: العمل الصالح، والطاعة، وكل ما يتقرب به إلى الله من أخلاق ومعاملات واعتقادات. وقيل: نزلت هذه الآية في بعض اليهود، الّذين كانوا يقولون لبعض أقاربهم من المسلمين في السر: اثبتوا على ما أنتم عليه، فإنه حق، وهم لا يقومون بذلك. وقيل: البر؛ هنا، يعني: التمسك بالتوراة، فمنهم من كان يأمر أتباعه باتباع التّوراة، وهم أنفسهم لا يقومون بذلك. وقيل: هو الصدقة؛ كانوا يأمرون بها غيرهم، وهم لا يتصدقون. النّاس: ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة لمعرفة معنى النّاس. ﴿بِالْبِرِّ﴾: الباء؛ للإلصاق. ﴿وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾: تنسون على وزن تفعون فيها مبالغة في النسيان. تأمرون غيركم بالبر، ولا تأمرون أنفسكم، بالطاعة وتقديم الأعمال الصالحة، فهذا ليس منهج الدعاة، والقدوة الصالحة. ﴿وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾: أي: التّوراة، ﴿تَتْلُونَ﴾؛ فعل مضارع، يدل على تجدد وتكرار تلاوة التّوراة الّتي فيها نعت محمّد ﷺ، والأحكام الربانية. ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: الهمزة؛ استفهام إنكاري، توبيخ على النسيان، ألا؛ أداة تنبيه، وحضٍّ، وتحمل معنى الأمر، والفاء للتوكيد. ﴿تَعْقِلُونَ﴾: تتفكرون، وتعودوا إلى الصواب، والحق، وفيها؛ توبيخ شديد، لكونه ينفي العقل عنهم، والفهم عندما يأمرون النّاس بالبر، وينسون أنفسهم، والقيام به. تعقلون من عقل الشيء؛ أي: عرفه بدليله، ووصل إلى الحقيقة بعد الموازنة والاستنباط.

1 / 51