119

Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'

تفسير القرآن الثري الجامع

Noocyada

سورة البقرة [٢: ١٠٨]
﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْـئَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾:
﴿أَمْ﴾: الهمزة؛ همزة استفهام إنكاري.
﴿أَمْ﴾: للإضراب الانتقالي.
نزلت هذه الآية في عبد الله بن أُبيِّ بن كعب، ورهط من قريش؛ قالوا: يا محمّد اجعل لنا الصفا ذهبًا، ووسع لنا أرض مكة، وفجر الأنهار خلالها تفجيرًا؛ نؤمن بك.
وقيل: إن اليهود، سألوا رسول الله ﷺ، أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، كما جاء في قوله تعالى: ﴿يَسْـئَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ [النّساء: ١٥٣].
فبعد أن سألوا رسول الله ﷺ الكثير من الأسئلة، كما ورد في سورة الإسراء الآيات (٦٣-٩٠)، وسورة الفرقان (٧-٨).
كأنْ لم يبق لكم إلَّا أن تسألوه، كما سُئل موسى، من قبل: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾.
وإذا انتبهنا إلى هذه الآية؛ لتبين لنا أنّ الله سبحانه، لم يشأ أن يشبه المسلمين باليهود، فقال: كما سُئل موسى من قبل؛ أي: بنى الفعل سُئل للمجهول، فقد كان من الممكن القول: أم تريدون أن تسألوا رسولكم، كما سأل اليهود موسى.
﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾: ﴿وَمَنْ﴾: شرطية، جوابها: ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.
﴿يَتَبَدَّلِ﴾: ولم يقل: يبدل، ﴿يَتَبَدَّلِ﴾: تعني: كل فرد (قاعدة عامة). يبدل: تعني فردًا واحدًا (قاعدة خاصة).
﴿يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾: يشتري الكفر بالإيمان، فالإيمان يمثل الدراهم المدفوعة، والكفر هو المادة، والسلعة المشتراة؛ (انتبه إلى أنّ الباء تدخل على المتروك دائمًا). ارجع إلى الآية (٦) من نفس السورة لمزيد من البيان.
﴿فَقَدْ﴾: الفاء للتوكيد، قد: للتحقيق؛ أي: ثبت، ووقع، (لزيادة التّوكيد).
﴿ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾:
﴿ضَلَّ﴾: أي: أخطأ الطريق، أو عدل عن الحق والهدى.
والسبيل؛ هو الطريق، السهل، القصير، والموصل إلى الغاية.
والسواء: هو الوسط.
أي: ابتعد عن الصّراط المستقيم، الموصل إلى الغاية، إذ لم يمشِ في وسط السبيل، وراح يمشي يسرةً ويمنةً، فضلَّ عن سبيله، عن الإيمان، أو الحق، والهدى؛ أي: الإسلام.

1 / 115