Tafsir al-Qur'an al-Karim wa I'rabuhu wa Bayanuhu - al-Durra
تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Noocyada
﴿وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ:﴾ قال ابن كيسان رحمه الله تعالى: يقال: ما على من لم يعلم أنّه مفسد من الذّم، إنّما يذمّ إذا علم: أنّه مفسد، ثم أفسد على علم. قال: ففيه جوابان: أحدهما أنهم كانوا يعملون الفساد سرّا، ويظهرون الصّلاح، وهم لا يشعرون أنّ أمرهم يظهر عند النّبيّ ﷺ، والوجه الآخر أن يكون فسادهم عندهم صلاحا، وهم لا يشعرون: أنّ ذلك فساد، وقد عصوا الله ورسوله في تركهم تبيين الحقّ واتّباعه، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: ﴿أَلا:﴾ حرف تنبيه، واستفتاح يسترعى به انتباه المخاطب لما يأتي بعده من كلام، ﴿إِنَّهُمْ:﴾ حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. ﴿هُمُ:﴾
ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ﴿الْمُفْسِدُونَ﴾ خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ)، هذا ويجوز اعتبار: ﴿هُمُ﴾ ضمير فصل لا محل له من الإعراب، كما يجوز اعتباره توكيدا لاسم (إنّ) على المحل. فيكون ﴿الْمُفْسِدُونَ﴾ على هذين الاعتبارين خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: ﴿إِنَّهُمْ..﴾. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. ﴿وَلكِنْ:﴾
الواو: حرف عطف. (﴿لكِنْ﴾): حرف استدراك مهمل لا عمل له. ﴿لا:﴾ نافية. ﴿يَشْعُرُونَ:﴾ فعل وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، فهي في محل رفع مثلها، وقيل: بل معطوفة على جملة ﴿إِنَّهُمْ..﴾. إلخ، والتقدير: ولكنهم لا يشعرون.
﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣)﴾
الشرح: ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ..﴾. إلخ: القائل لهم هم المؤمنون: ﴿آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ﴾ أي كإيمان الناس بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والجنّة، والنار، وغير ذلك مما أخبر المؤمنين به. وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر، وترك الزواجر.
﴿قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ:﴾ يعنون-لعنهم الله-أصحاب رسول الله ﷺ، مثل: عمّار، وبلال، وصهيب، يقولون: أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة، وعلى طريقة واحدة؟! قال البيضاوي: وإنما سفّهوهم لاعتقادهم فساد رأيهم، أو لتحقير شأنهم، فإنّ أكثر المؤمنين كانوا فقراء، ومنهم موال، كصهيب، وبلال، أو للتجلّد، وعدم المبالاة بمن آمن منهم؛ إن فسر (﴿النّاسِ﴾) بعبد الله بن سلام، وأشياعه، وهذا القول من المنافقين إنّما كانوا يقولونه في خفاء، واستهزاء، فأطلع الله نبيه والمؤمنين على ذلك.
وقيل: إنّ السفه، ورقّة الحلوم، وفساد البصائر إنّما هي في حيزهم، وصفة لهم، وأخبر:
أنهم هم السّفهاء، ولكن لا يعلمون للرّين الّذي على قلوبهم.
1 / 52