155

Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage

تفسير البغوي - إحياء التراث

Tifaftire

عبد الرزاق المهدي

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

عَالِمٌ بِهِمْ، وَلَكِنْ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ أَحْوَالَهُمْ حَتَّى يَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَى الله بها إبراهيم، فقال عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: هِيَ ثَلَاثُونَ سَمَّاهُنَّ، شرائع الإسلام لم يُبْتَلَ بِهَا أَحَدٌ فَأَقَامَهَا كُلَّهَا [إِلَّا [١]] إِبْرَاهِيمُ، فَكُتِبَ لَهُ الْبَرَاءَةُ، فقال: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) [النَّجْمِ: ٣٧]، عَشْرٌ في براءة: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ [التوبة: ١١٢] إِلَى آخِرِهَا، وَعَشْرٌ فِي الْأَحْزَابِ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ [الأحزاب: ٣٥] إلى آخرها، وَعَشْرٌ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) [الْمُؤْمِنُونَ: ١] الْآيَاتِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) [المعارج: ٢٢]، في سأل سائل، وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: ابْتَلَاهُ اللَّهُ تعالى بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ، وَهِيَ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَالْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَفَرْقُ الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ في البدن: تقليم الأظفار وَنَتْفُ الْإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالْخِتَانُ والاستنجاء بالماء.
ع «٨١» وَفِي الْخَبَرِ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلُ مَنْ قَلَّمَ الْأَظَافِرَ، وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: يَا ربّ ما هذا؟ قال: الْوَقَارِ، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا.
قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ ﷿: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمامًا إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ وَقَتَادَةُ: مَنَاسِكُ الْحَجِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ: بِالْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ فَأَحْسَنَ فِيهَا النَّظَرَ، وَعَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ دَائِمٌ لَا يَزُولُ، وَبِالنَّارِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، وَبِالْهِجْرَةِ وَبِذَبْحِ ابْنِهِ وَبِالْخِتَانِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ إِذْ يَرْفَعَانِ الْبَيْتَ: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا [الْبَقَرَةِ: ١٢٧] الآية، فرفعاه بسبحان اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وقال يَمَانُ بْنُ رَبَابٍ: هُنَّ مُحَاجَّةُ قَوْمِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَحاجَّهُ قَوْمُهُ [الأنعام: ٨٠] إلى قوله: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ [الْأَنْعَامِ: ٨٣]، وَقِيلَ: هِيَ قَوْلُهُ: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) ٧٨ [الشُّعَرَاءِ: ٧٨]، إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، فَأَتَمَّهُنَّ، قَالَ قَتَادَةُ أَدَّاهُنَّ وقال الضحاك: قام بهنّ، وقال يمان: عَمِلَ بِهِنَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمامًا:
يُقْتَدَى بِكَ، [فِي الْخَيْرِ] قالَ إِبْرَاهِيمُ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي. أَيْ: وَمِنْ أولادي أيضا فاجعل أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ [فِي الْخَيْرِ] [٢]، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَنالُ: لَا يُصِيبُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، أَيْ: مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا لَا يُصِيبُهُ، قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: عَهْدِي رَحْمَتِي، وَقَالَ السُّدِّيُّ: نُبُوَّتِي، وَقِيلَ: الْإِمَامَةُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْسَ لِظَالِمٍ أَنْ يُطَاعَ فِي ظُلْمِهِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَنَالُ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْإِمَامَةِ مَنْ كَانَ ظَالِمًا مِنْ وَلَدِكَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعَهْدِ الْأَمَانَ مِنَ النَّارِ، وَبِالظَّالِمِ الْمُشْرِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ [الأنعام: ٨٢] .
[سورة البقرة (٢): آية ١٢٥]
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ، يَعْنِي: الْكَعْبَةَ، مَثابَةً لِلنَّاسِ: مَرْجِعًا لَهُمْ، قَالَ مجاهد

٨١- ع أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٩٢٢) والبيهقي في «الشعب» (٨٦٤٢ و٨٦٤٠) عن سعيد بن المسيب به قوله.
(١) سقط من المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع وحده. [.....]

1 / 162