Tafsir Ahmed Hateeba

Ahmad Hatiba d. Unknown
63

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Noocyada

تفسير قوله تعالى: (بل متعنا هؤلاء وآباءهم) قال الله سبحانه: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [الأنبياء:٤٤]. يعني: كأن الذي جعلهم يستكبرون ويتعالون على النبي ﷺ وعلى المؤمنين هو أنهم متعوا، أي: أعطاهم الله ﷿ في الدنيا المال والبنين، وأعطاهم من فضله ومن كرمه سبحانه، فإذا بهم يتطاولون على ربهم سبحانه وعلى رسوله صلوات الله وسلامه عليه، أي: إننا متعناهم وبسطنا لهم من الرزق هم وآبائهم حتى اغتروا بهذه الدنيا. كما قال تعالى: ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [الأنبياء:٤٤]، يعني: طالت أعمارهم في النعمة، وعمروا السنين الطويلة في النعم. وقد قال تعالى: ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ [قريش:١ - ٢]. فقوله: ﴿لِإِيلافِ﴾ [قريش:١]، أي: ألفوا ذلك. وقد كانوا يذهبون صيفًا إلى الشام وشتاءً إلى اليمن، ويأتون برزقهم الذي ساقه الله ﷿ إليهم، وهم أهل الحرم، وقد أمنهم ربنا ﷾ وقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت:٦٧]. فجعلهم في أمان، وجعل لأهل الحرم مكانة وسط العرب، وجعل لهم رحلتين، يأتون فيهما بالأرزاق يمينًا وشمالًا من اليمن ومن الشام، وأمنهم وأعطاهم الثمرات، وجعل بلدهم بلدًا آمنًا يجبى إليه من كل الثمرات، كما قال تعالى: ﴿رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ [القصص:٥٧]. وأراد منهم أن تكون النتيجة كما قال: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:٦٠]، فكان جزاء إحسان الله أن عبدوا غيره ﷾، فمتعهم وأعطاهم وقال: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف:١٨٣]. وقال سبحانه هنا: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [الأنبياء:٤٤]، أي: في النعمة. وقالوا: نحن كنا في نعمة وكذلك آباؤنا، فافتخروا بذلك. وأوصلهم افتخارهم أن وصلوا إلى المقابر يفتخرون بعظام الموتى. قال الله ﷿: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ [التكاثر:١]. والتكاثر: المفاخرة والافتخار، ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر:٢]، فتلهوا بذلك، وقالوا: نحن أكثر عددًا منكم، وانظروا إلى آباءنا الذين ماتوا كانوا أكثر من آبائكم، وقبيلتنا أكبر من قبيلتكم. قال تعالى: «حتى طال عليهم العمر»، أي: في الفخر في نعمة الله، وظنوا أن الذي أعطى النعمة لا يأخذها، فجحدوا نعم الله ﷿ واستكبروا على خلق الله سبحانه.

6 / 10