164

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Noocyada

المرور على الصراط قال: (فيمرون على الصراط، والصراط كحدّ السيف دحض مزلة). والصراط: جسر مضروب على ظهر جنهم مثل الشعرة، وحده كحد السيف، وهو (دحض مزلة)، أي: يزل الذي يمشي فوقه. قال ﷺ: (فيقال لهم: انجوا على قدر نوركم)، أي: مروا على قدر نوركم. قال: (فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب)، أي: مثل الكوكب الدري اللامع في السماء عندما ينقض سريعًا. قال: (ومنهم من يمر كالطرف)، أي: مثل أن تغمض عينيك وتفتحهما. قال: (ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرجل ويرمل رملًا، ويمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يجر يدًا ويعلق يدًا)، أي: كأنه يحبو على يديه؛ لأنه خائف أن ينزلق ويسقط من فوق الصراط. قال: (ويجر رجلًا ويعلق رجلًا)، أي: تكون إحدى رجليه على الصراط والأخرى معلقة خارج الصراط، ويد يمسك بها والثانية معلقة. قال: (وتصيب جوانبه النار، فيخلصون، فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أرانا، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدًا من العالمين)، أي: هؤلاء المتأخرون عندما يمرون والله أعلم كم سيأخذون من السنين ومن العمر حتى يمروا فوق الصراط الذي على ظهر جهنم بهذه الصورة، فهم يمشون مرة ويكبون مرة، وتلفحهم النار أخرى، وتخطفهم الكلاليب من حول النار، فمن الناس من هو ناج مسلم، ومنهم من هو مخدوش ومن هو مكردس في النار، أي: يقع في نار جهنم والعياذ بالله. قال: (فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة فيغتسلون فيعود إليهم ريح أهل الجنة وألوانهم) وذكر لنا هؤلاء الذين هم آخر من يدخل الجنة لكي نتخيل ما ينالون، وعليه كم سينال السابقون؟ قال: (ويرون من خلل باب الجنة -وهو يصفق- منزلًا في أدنى الجنة فيقولون: ربنا! أعطنا ذلك المنزل)، فبعد أن نجوا من النار بدءوا يطلبون أن يقتربوا من الجنة. قال: (فيقول لهم: أتسألون الجنة وقد نجيتكم من النار؟ فيقولون: ربنا! أعطنا هذا الباب لا نسمع حسيسها)، يعني: اجعل هذا الباب الذي هو باب الجنة حائلًا بيننا وبين النار؛ لكي لا نسمع حسيس النار ولا نسمع صوتها، فكأنهم إلى هذا الحين وهم يسمعون صوت النار التي أنجاهم الله ﷿ منها. قال: (فيقول لهم: لعلكم إن أُعْطِيتُمُوهُ أن تسألوا غيره؟ فيقولون: لا وعزتك لا نسأل غيره، وأي منزل يكون أحسن منه؟ قال: فيدخلون الجنة، ويرفع لهم منزل أمام ذلك). في حديث آخر قال: (إنهم قبل مجيئهم عند الجنة يمثل لهم شجرة فينظرون إليها، فيقول أحدهم: رب أدنني من هذه الشجرة أكل من ثمرتها وأشرب من مائها وأستظل بظلها، فيقول له ربه سبحانه: لعلي إن أعطيتك أن تسألني غيرها، فيقول: لا يا رب! وعزتك لا أسألك غيرها؟ وربنا سبحانه يعلم أنه لا يطيق ما يراه - فيغفر له ﷾ ويسامحه ويعفو عنه - فيقربه منها، فإذا مكث تحتها مثل له أخرى أفضل منها وأبعد منها، فينظر فترة ثم يقول: يا رب! أدنني من هذه، فيقول له سبحانه: يا ابن آدم! ما أغدرك؟ ألم تعطني العهود والمواثيق ألا تسألني غيرها؟! فيقول: يا رب! لا أسألك غيرها، وعزتك لا أسألك غيرها، فيدنيه منها سبحانه ﵎ ويأخذ عليه العهود والمواثيق ألا يسأل غيرها، فإذا بالعبد يطلب غيرها، والله سبحانه يريد أن يعطيه وإنما مثل له ذلك؛ ليريه فضله ﵎ وكرمه عليه). وقال في هذا الحديث: (ويرفع لهم منزل أمام ذلك كأن الذي رأوا قبل ذلك حلم عنده، فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول: لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوا غيره؟! فيقولون: لا وعزتك! لا نسأل غيره، وأي منزل أحسن منه؟ فيعطونه، ثم يرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كأن الذي رأوا قبل ذلك حلم عند هذا الذي رأوا، فيقولون: ربنا! أعطنا ذلك المنزل فيقول: لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوا غيره؟! فيقولون: لا وعزتك! لا نسأل غيره، وأي منزل أحسن منه؟ ثم يسكتون)، أي: يستحون من ربهم سبحانه. قال: (فيقول لهم: ما لكم لا تسألون؟! فيقولون: ربنا قد سألناك حتى استحيينا).

14 / 11