212

Irshad Caql Salim

تفسير أبي السعود

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
٢١٣ - البقرة على استمرار السُّخريةِ منهم وهم فقراء المؤمنين كبلالٍ وعمار وصهيب ﵃ كانوا يسترذلونهم ويستهزءون بهم على رفضهم الدُّنيا وإقبالِهم على العقبى ومن ابتدائية فكأنهم جعلوا السخرية مبتدأة منهم
﴿والذين اتقوا﴾ هم الذين آمنوا بعينهم وإنما ذُكروا بعنوان التقوى للإيذان بأن إعراضَهم عن الدنيا للاتقاء عنها لكونها مُخِلَّةً بتبتُّلهم إلى جناب القدس شاغلة عنهم
﴿فَوْقَهُمْ يَوْمَ القيامة﴾ لأنَّهم في أعلى عِلّيين وهم في أسفل سافلين أو لأنهم في أوج الكرامةِ وهم في حضيض الذلِّ والمهانةِ أو لأنهم يتطاولون عليهم في الآخرة فيسخَرون منهم كما سخِروا منهم في الدنيا والجملةُ معطوفةٌ على ما قبلها وإيثارُ الاسمية للدلالة على دوام مضمونِها
﴿والله يَرْزُقُ مَن يَشَاء﴾ أي في الدارين
﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ بغير تقدير فيوسِّعُ في الدنيا استدراجًا تارةً وابتلاءً أخرى
﴿كَانَ الناس أُمَّةً واحدة﴾ متفقين على كلمة الحق ودينِ الإسلام وكان ذلك بين آدمَ وإدريسَ أو نوحٍ ﵈ أو بعدَ الطوفان
﴿فَبَعَثَ الله النبيين﴾ أي فاختلفوا فبَعَثَ إلخ وهي قراءةُ ابنِ مسعود ﵁ وقد حُذف تعويلًا على ما يُذكر عَقيبه
﴿مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ عن كعب الذي علمتُه من عددُ الأنبياءِ ﵈ مئة وأربعةٌ وعشرون ألفًا والمرسَلُ منهم ثلثُمائةٍ وثلاثة عشرَ والمذكورُ في القرآن ثمانيةٌ وعشرون وقيل كَانَ الناسُ أُمَّةً واحدة متفقةً على الكفر والضلال في فترة إدريسَ أو نوحٍ فبعث اللَّهُ النبيين فاختلفوا عليهم والأولُ هو الأنسبُ بالنظم الكريم
﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب﴾ أي جنسَ الكتابِ أو مع كل واحد منهم ممن له كتابٌ كتابُه الخاصُّ به لا مع كلِّ واحدٍ منهم على الإطلاق إذ لم يكنْ لبعضهم كتابٌ وإنما كانوا يأخُذون بكتب مَن قبلَهم وعمومُ النبيين لا ينافي خصُوصَ الضمير العائد إليه بمعونة المقام
﴿بالحق﴾ حال من الكتاب أي ملتبسًا بالحق أو متعلقا بأنزل كقوله عزَّ وعلاَّ وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ
﴿لِيَحْكُمَ﴾ أي الكتابُ أو الله ﷾ أو كلُّ واحد من النبيين
﴿بَيْنَ الناس﴾ أي المذكورين والإظهارُ في موضعِ الإضمارِ لزيادة التعيين
﴿فِيمَا اختلفوا فِيهِ﴾ أي في الحق الذي اختلفوا فيه أو فيما التَبَس عليهم
﴿وَمَا اختلف فِيهِ﴾ أي في الحق أو في الكتاب المُنْزل ملتبسًا به والواوُ حالية
﴿إِلاَّ الذين أُوتُوهُ﴾ أي الكتابَ المنزلَ لإزالة الاختلاف وإزاحةِ الشقاق والتعبيرُ عن الإنزال بالإيتاء للتنبيه منْ أولِ الأمرِ عَلى كمال تمكُّنِهم من الوقوف على ما في تضاعيفِه من الحق فإن الإنزالَ لا يفيد تلك الفائدةَ أي عكسوا الأمرَ حيث جعلوا ما أُنزل لإزالة الاختلافِ سببًا لاستحكامه ورسوخِه
﴿مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينات﴾ أي رَسَخَتْ في عقولهم ومن متعلِّقة بمحذوف يدل عليه الكلامُ أي فاختلفوا وما اختلف فيه إلخ وقيل بالملفوظ بناءً على عدم منع إلا عنه كما في قولك ما قام إلا زيد يوم

1 / 214