152

Irshad Caql Salim

تفسير أبي السعود

Daabacaha

دار إحياء التراث العربي

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
البقرة (١٢٤ - ١٢٣) يكون بشكرها وشكرُها الإيمانُ بجميع ما فيها ومن جملته نعت النبيِّ ﷺ ومن ضرورة الإيمان بها الإيمان به ﵊ ﴿وَأَنّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين﴾ أفرِدَتْ هذه النعمةُ بالذكر مع كونها مندرجةً تحت النعمة السالفةِ لإنافتها فيما بين فنونِ النعم
﴿واتقوا﴾ إن لم تؤمنوا ﴿يَوْمًا لاَّ تَجْزِى﴾ في ذلك اليوم ﴿نَفْسٌ﴾ من النفوس ﴿عَن نَّفْسٍ﴾ أخرى ﴿شَيْئًا﴾ من الأشياءِ أو شيئًا من الجزاء ﴿وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ أي فدية ﴿وَلاَ تَنفَعُهَا شفاعة وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ وتخصيصُهم بتكرير التذكيرِ وإعادةِ التحذير للمبالغة في النُصحِ وللإيذان بأن ذلك فذلكةُ القضية والمقصودُ من القصة لِما أن نعم الله ﷿ عليهم أعظمُ وكفرَهم بها أشدُّ وأقبحُ
﴿وَإِذِ ابتلى إبراهيم رَبُّهُ بكلمات﴾ شروع في تحقيق إن هُدى الله هو ما عليه النبيِّ ﷺ من التوحيد والإسلام الذي هو ملةُ إبراهيمَ ﵇ وأن ما عليه أهلُ الكتابين أهواءٌ زائغةٌ وأن ما يدّعونه من أنهم على ملَّته ﵊ فريةٌ بلا مريةٍ ببيان ما صدر عن إبراهيم وأبنائه الأنبياءِ ﵈ من الأقاويل والأفاعيل الناطقة بحقية التوحيدِ والإسلام وبُطلان الشركِ وبصحة نبوةِ النبيِّ ﷺ وبكونه ذلك النبيِّ الذي استدعاه إبراهيم واسمعيل عليهما الصلاة والسلام بقولهما ﴿رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولًا مّنْهُمْ﴾ الآية فإذْ منصوبٌ على المفعوليةِ بمضمرِ مقدمٍ خوطب به النبيُّ ﷺ بطريقِ التلوينِ أيْ واذكُر لهم وقت ابتلائِه ﵇ ليتذكروا بما وقع فيه من الأمور الدَّاعيةِ إلى التوحيد الوازعةِ عن الشرك فيقبلوا الحقَّ ويتركوا ماهم فيه من الباطل وتوجيهُ الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودةُ بالذات قد مرَّ وجهُه في أثناء تفسير قولِه ﷿ ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة إِنّي جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَةً﴾ وقيل على الظرفية بمُضمر مؤخَّرٍ أي وإذ ابتلاه كان كيتَ وكيت وقيل بما سيجيء من قوله تعالى قَالَ الخ والأول هو اللائق بجزالة التنزيل ولا يبعُد أن ينتصِبَ بمضمرٍ معطوف على اذكُروا خُوطب به بنو إسرائيلَ ليتأملوا فيما يُحْكى عمن ينتمون الى ملته من إبراهيمَ وأبنائه ﵈ من الأفعال والأقوال فيقتدوا بهم ويسيروا سيرتَهم والابتلاءُ في الأصل الاختبارُ أي تطلب الخبرة بحال المختبر بتعريضه لأمر يشُقُّ عليه غالبًا فِعلُه أو تركُه وذلك إنما يتصور حقيقة ممن لا وقوفَ له على عواقب الأمور وأما من العليم الخبير فلا يكون إلا مجازا من تمكينه للعبد من اختيار أحدِ الأمرين قبل أن يرتب عليه شيئا هو من مباديه العادية كمن يختبرُ عبدَه ليتعرَّف حاله من الكِياسة فيأمُره بما يليق بحاله من مَصالحه وإبراهيمُ اسمٌ أعجميٌّ قال السُهيلي كثيرًا ما يقع الاتفاقُ أو التقاربُ بين

1 / 154