173

Tafsirka Ibn Badis

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Baare

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Daabacaha

دار الكتب العلمية بيروت

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Goobta Daabacaadda

لبنان.

Noocyada

(التثبيت): ثبات الشيء إقامته ورسوخه دون اضطراب، وذلك من قوته، كما أن اضطراب المضطرب من ضعفه. فتفسير تثبيت الفؤاد هنا بتقويته تفسير بلازم معناه على أنه مراد منه أيضا أصل المعنى، وهو السكون وعدم الاضطراب. فتثبيته- إذن- هو تسكينه وتقويته. (الترتيل) مادة (ر ت ل) كلها ترجع إلى تناسق الشيء وحسن تنضيده: منه ثغر رتل بالتحريك، أي مفلج بين الأسنان فرج لا يركب بعضها بعضا. وترتيل القرآن في التلاوة هو إلقاء حروفه حرفًا حرفًا، وكلماته كلمة كلمة، وآياته آية آية، على تؤدة ومهل. حتى يتبين للقارىء وللسامع، ولا يخفى عليه شيء منه. وأما ترتيله في نزوله- وهو المراد هنا- فإنه: إنزاله آية وآيتين وآيات، مفرقًا نجوما على حسب الوقائع. ﴿وقال الذين كفروا﴾ وصل (١)؛ لأنه قيل من أقوالهم؛ فعطف على ما تقدم من مثله. ﴿كذلك لنثبت﴾ الأصل أنزلناه كذلك، فأوجز بحذف المتعلق لوجود ما يدل عليه من إعراضهم. وفصل؛ لأنه جواب عن اعتراضهم. ﴿ورتلناه﴾ وصل؛ لأنه معطوف على أنزلناه المحذوف. والتنوين في ﴿ترتيلا﴾ تنوين تنويع وتعظيم، أي نوعًا من الترتيل عظيمًا. المعنى: وقال الذين كفروا- وهم قريش، أو اليهود أو الجميع، وهو الظاهر، لأن قريشًا واليهود كان يتصل بينهم الكلام في شأن النبي- ﵌ وشأن القرآن. قالوا معترضين ومقترحين: لمَ لَمْ ينزل عليه القرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة وغيرها، ونزل عليه مفرقًا؛ فقال الله تعالى جوابًا لهم: أنزلناه كذلك الإنزال مفرقًا؛ لنثبت به قلبك فيسكن ويطمئن، ونقويه فيصبر ويتحمل. وأنزلناه مرتلًا ومفرقًا تفريقًا مرتبًا، منزلًا كل قسم منه في الوقت المناسب لإنزاله والحالة الداعية إليه اللائقة به. مزيد بيان للاعتراض والجواب: أما اعتراضهم، فكان لأنهم سمعوا القرآن يذكر أن الكتاب أنزل على النبي- ﵌ كما أنزلت الكتب على الأنبياء- ﵈ من قبله بمثل قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾. [العنكبوت: ٤٧]. فقالوا: لماذا نزل هذا الكتاب مفرقًا، ولم ينزل مثل تلك الكتب جملة واحدة؟!

(١) وصل جملة: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ ...﴾.

1 / 178