Tafsir Yahya Ibn Salam
تفسير يحيى بن سلام
Tifaftire
الدكتورة هند شلبي
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
يَرَوْنَ أَنَّهَا تِلْكَ الأُمَّةُ الْمُشْرِكَةُ الَّذِينَ فَرُّوا مِنْهُمْ، فَأَمَرُوا صَاحِبَهُمْ أَنْ يَتَلَطَّفَ وَلا يُشْعِرَ بِهِمْ أَحَدًا.
فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَهِيَ مَدِينَةٌ بِالرُّومِ يُقَالُ لَهَا: فسوس، فَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ؛ لِيَشْتَرِيَ بِهَا الطَّعَامَ، اسْتُنْكِرَتِ الدَّرَاهِمُ وَأُخِذَ، فَذُهِبَ بِهِ إِلَى مَلِكِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا الدَّرَاهِمُ دَرَاهِمُ الْمَلِكِ الَّذِي فَرُّوا مِنْهُ.
فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ وَجَدَ كَنْزًا.
فَلَمَّا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُعَذَّبَ أَطْلَعَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
فَقَالَ لَهُمُ الْمَلِكُ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ، فَأَعْلَمَكُمْ أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ فِي أَجْسَادِهِمْ.
فَرَكِبَ الْمَلِكُ وَالنَّاسُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْكَهْفِ، وَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَرَآهُمْ وَرَأَوْهُ مَاتُوا؛ لأَنَّهُمْ قَدْ كَانَتْ أَتَتْ عَلَيْهِمْ آجَالُهُمْ.
فَقَالَ الْقَوْمُ: كَيْفَ نَصْنَعُ بِهَؤُلاءِ؟ ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا﴾ [الكهف: ٢١] فـ ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ﴾ [الكهف: ٢١] رُؤَسَاؤُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُؤْمِنُوهُمْ.
﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: ٢١] سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُمْ كَانُوا بَنِي الأَكْفَاءِ وَالرُّقَبَاءِ، مُلُوكِ الرُّومِ، رَزَقَهُمُ اللَّهُ الإِسْلامَ فَفَرُّوا بِدِينِهِمُ، اعْتَزَلُوا قَوْمَهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْكَهْفِ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ.
فَلَبِثُوا دَهْرًا طَوِيلا حَتَّى هَلَكَتْ أُمَّتُهُمْ وَجَاءَتْ أُمَّةٌ مُسْلِمَةٌ.
وَكَانَ مَلِكُهُمْ مُسْلِمًا، فَاخْتَلَفُوا فِي الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: يُبْعَثُ الأَرْوَاحُ وَالْجَسَدُ مَعًا، وَقَالَ قَائِلُونَ: يُبْعَثُ الرُّوحُ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَتَأْكُلُهُ الأَرْضُ وَلا يَكُونُ شَيْئًا.
فَشَقَّ عَلَى مَلِكِهِمُ اخْتِلافُهُمْ، فَانْطَلَقَ فَلَبِسَ الْمُسُوحَ وَقَعَدَ عَلَى الرَّمَادِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ، فَقَالَ: رَبِّ إِنَّكَ قَدْ تَرَى اخْتِلافَ هَؤُلاءِ فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ آيَةً تُبَيِّنُ لَهُمْ.
فَبَعَثَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْكَهْفِ، فَبَعَثُوا أَحَدَهُمْ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ، فَجَعَلَ يُنْكِرُ الْوُجُوهَ وَيَعْرِفُ الطُّرُقَ وَرَأَى الإِيمَانَ فِي الْمَدِينَةِ ظَاهِرًا.
فَانْطَلَقَ وَهُوَ مُسْتَخْفٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَجُلٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْ طَعَامِهِ، فَلَمَّا أَبْصَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الْوَرِقَ أَنْكَرَهَا.
قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَيْسَ مَلِكُكُمْ فُلانًا؟ قَالَ: لا، بَلْ مَلِكُنَا فُلانٌ.
فَلَمْ يَزَالا بَيْنَهُمَا حَتَّى
1 / 177