267
{ يأيها الذين ءامنوا أنفقوا } أدوا الزكاة { من طيبت } جودة وحلا { ما كسبتم } من الذهب والفضة وعروض التجارة وأصول التجارة والأنعام الثمانية ، والإيمان شامل للأعمال الصالحة عندنا ، وهكذا إذا لم يذكر العمل الصالح { وممآ } أى ومن طيبات ما { أخرجنا لكم من الأرض } من الحبوب الستة ، وقيل ، والفول والعدس والتين والزيتون ، ونحو ذلك مما بلغ نصابا ، وأبحاث ذلك فى الفروع ، وأخطا أبو حنيفة إذ أوجبها فى كل ما أنبتت ولو بقولا وبطيخا ولو قليلا ، وما أخرج الله من الأرض هو من جملة ما يكسب ، وخصه بالذكر لأن التفاوت فيه كثير { ولا تيمموا } أصله ، تتيمموا ، حذفت إحدى التاءين ، أى تقصدوا { الخبيث } رداءة { منه } من الخبيث حال كونكم { تنفقون } حال ، أى مقدرين الإنفاق منه ، ومن تتعلق بتنفقون ، أو يتعلق بمحذوف حال من الخبيث ، فتكون الهاء لما ذكر من طيبات ما كسبوا وما أخرج الله من الأرض ، أو للمال الذى فى ضمن القسمين ، أو لما أخرجنا ، وخصه بالذكر ، لأن الرداءة فيه أكثر ، وكذا الحرمة ، لتفاوت أصنافه ومجالبه { ولستم بئاخذيه } تنفقون منه ، والحال أنكم لستم بآخذيه فى حقوقكم ، كدين وصداق وأرش لرداءته فأولى ألا ينفق لحرمته ، لمنع الشرع من التصرف فى المال الحرام إلا بأدائه لصاحبه ، أو للفقراء ، أو إصلاحه من فساد مع توبة وضمان { إلآ أن تغمضوا } بأن تغمضوا ، أو إغماضا ، أى وقت إغماض على حذف مضاف ، لا بالنصب على الظرفية ، لأن شرطه التصريح بالمصدر ، أو وجود ما المصدرية { فيه } فى شأنه بالقبول من أغمض بمعنى غمض ، أى غض بصره ، استعير للمسامحة بقبوله مع رداءته ، كمن لم ير بعينه عيبا ، وهو متعد حذف مفعوله كما رأيت ، وقيل ، لازم ، ومعناه ، تساهلتم فى شأنه وتغافلتم { واعلموا أن الله غنى } عن نفقاتكم ، فتحروا فيها الطيب ، لعود نفعها إليكم { حميد } كثير الحمد ، أو عظيمه ، أى الشكر ، أى الجزاء على الطاعة ، ومنه قبول الجيد والإثابة عليه ، أو محمود على آلائه ، ومن الحمد عليها إنفاق الجيد ، كانوا يتصدقون بحشف التمر ورديئه ويمسكون جيده ، فنهوا عن ذلك .
Bogga 323