قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب } يعني اليهود والنصارى { يردوكم بعد إيمانكم كافرين } ، { ومن يعتصم بالله } يعني ومن يتمسك بدينه { فقد هدي الى صراط مستقيم } أي فقد حصل له الهدى إلى طريق الحق، قوله تعالى: { حق تقاته } قيل: هو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، روي هذا مرفوعا، وقيل: هو أن لا تأخذه في الله لومة لائم، ويقوم بالقسط ولو على أبيه وابنه، قوله تعالى: { واعتصموا بحبل الله } الحبل: استعارة للعهد، والإعتصام: لوثوقه بالعهد، والمعنى: فاجعلوا استعانتكم بالله والإعتصام به والطاعة له والإيمان به وبكتابه لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" القرآن حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه "
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله حبل ممدود وعترتي أهل بيتي أن اللطيف الخبير نبأني أنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض "
{ ولا تفرقوا } عن الحق موقوع الاختلاف بينكم كما اختلفت اليهود والنصارى. { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } يعني أنكم كنتم أعداء فألف الله بين قلوبكم ورضيتم بالإسلام والتمسك به، وكانوا في الجاهلية بينهم الحروب والعداوات فألف الله بينهم في الإسلام وقذف في قلوبهم المحبة، فصاروا إخوانا متراحمين وهو الأخوة في الله تعالى، وقيل: هم الأوس والخزرج كانا أخوين لأب وأم، فوقعت بينهم العداوة وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة إلى أن أطفأ الله ذلك بالإسلام، وألف بين قلوبهم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { وكنتم على شفا حفرة } يعني وكنتم مستضمين على أن تقفوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر { فأنقذكم منها } بالاسلام، والضمير للحفرة أو للنار أو للشفاة.
[3.104-112]
قوله تعالى: { ولتكن منكم أمة } للتبعيض لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات، وقيل: من للتبيين، يعني كونوا أمة تأمرون، قوله تعالى: { وأولئك هم المفلحون } هم الأخصاء بالفلاح دون غيرهم،
" وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه سئل وهو على المنبر: من خير الناس؟ قال: " آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر "
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله "
Bog aan la aqoon