وفيهم نزل قوله:
أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون
[الزمر: 64] وقد أكثر المفسرون في تكرير هذه الآيات فقيل: التكرير تأكيدا لحسم أطماعهم من عبادة الهتهم، وقيل: القرآن نزل بلغة العرب وهم قد يكررون للتأكيد والافهام وذلك مذهب لهم معلوم، وقيل: لأن القوم كرروا فيه مقالتهم كرة بعد كرة، وقيل: الأول للحال والثاني للاستقبال، وتدل السورة على معجزة لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا خبر عن حالهم وكان كما أخبره، وقول من يقول هو تأكيد احتج بقول الشاعر:
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم
وقد قيل: ان قريشا سألوا أن يعبد آلهتهم سنة وان يعبدوا إلهه سنة فأمره أن يجيب بقوله: { لا أعبد ما تعبدون } { ولا أنتم عابدون ما أعبد } ثم سألوه ذلك مرة اخرى بأن يستلم بعض الهتهم ليسلموا فأمره بأن يجيب { لا أعبد } فإنما كرر لاختلاف الوقتين والقرآن نزل شيئا بعد شيء، ومتى قيل: الخطاب لجميع الكفار، قلنا: لا بل لقوم خاص علم انهم لا يؤمنون { لكم دينكم ولي دين } لكم شرككم ولي توحيدي، والمعنى اني نبي مبعوث اليكم لأدعوكم الحق والنجاة فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني فدعوني كفافا ولا تدعونني الى الشرك، وقيل: لكم جزاء أعمالكم ولي جزاء عملي، وهذا لا نسخ فيه، وقيل: ان السورة لا تكون منسوخة، كما روي عن بعض المفسرين انها منسوخة، ومنهم من لا يجوز نسخها لأنها خبر، والنسخ يدل على الأمر والنهي، وذهب جماعة الى انها منسوخة بآية السيف والله أعلم.
[110 - سورة النصر]
[110.1-3]
{ والفتح } قال جار الله: المعنى نصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على العرب أو على قريش وكان فتح مكة لعشر مضين من رمضان سنة ثمان، ومعه عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب، وأقام بها خمسة عشر ليلة ثم خرج الى هوازن وغطفان، روي ذلك في الكشاف، وقال الحاكم: السبب في فتح مكة لما صالح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا بالحديبية وكان رئيس القوم أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو، ودخلت خزاعة في حلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودخلت بنو بكر في حلف قريش، وكان بينهما شر في الجاهلية حجر عنه الاسلام، ثم وقعت بين بني بكر وخزاعة فقال: فأعان قريش بنو بكر سرا وأصابوا منهم، ونقضوا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج عمرو بن سالم الى المدينة ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد فأخبره بخبرهم وأنشد الأبيات التي منها:
لا هم اني ناشد محمدا
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
Bog aan la aqoon