275

Tafsirka Acqam

تفسير الأعقم

Noocyada

[46.24-29]

{ فلما رأوه } الضمير يرجع إلى العذاب { عارضا } ، قيل: سحابا، وقيل: عذابا، ساق الله اليهم سحابة سوداء وكان حبس عنهم المطر فلما رأوها { مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا } استبشروا وقالوا: هذا غيث ممطرنا { بل هو ما استعجلتم به ريح } ، قيل: هو كلام هود، وقيل: هو كلام على سبيل الحكاية { تدمر كل شيء بأمر ربها } أي تهلك من نفر من عاد وأموالهم الجم الكثير { فأصبحوا لا يرى } الخطاب للرأي من كان، وقرئ لا يرى، وقيل: اقتلعت الريح كل شيء منتصب، وقيل: كانت ترفع الظعينة حتى ترى كأنها جرادة، وقيل: أول من أبصر العذاب امرأة منهم قالت: ريحا فيها كشهب، وروي أول ما عرفوا أنه عذاب أنهم رأوه ما كان في الصحراء من رجالهم ومواشيهم تطير بهم الريح بين السماء والأرض، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأمال الله عليهم فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام، ثم كشف الريح عنهم فاحتملتهم فطرحتهم في البحر، وروي أن هودا لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى عين تنبع، وعن ابن عباس: اعتزل هو ومن معه، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا رأى الريح فزع وقال:

" اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به "

فلما ذكر هلاك قوم عاد وعظ قوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحذرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك فقال سبحانه: { ولقد مكناهم فيما ان مكناكم فيه } التخلية والإمهال، أي لم يعاجلهم، وقيل: وسعنا عليهم فيما إن مكناكم فيه كذلك مكناكم، وقيل: فيما لم نمكنكم فيه، وعن ابن عباس: يعني في طول الأعمار، وقوة الأبدان، وكثرة الأموال { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة } يعني مع هذا التمكين أعطيناهم حواسا سليمة: أعينا يبصرون بها، وأذانا يسمعون بها، وقلوبا يتفكرون بها، لينتفعوا بهذه الحواس { فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء } أي لم تغن عنهم من عذابه لما نزل بهم { إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم } أي حل بهم { ما كانوا به يستهزئون } من الوعيد والعذاب { ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى } خطاب لأهل مكة مثل عاد وثمود أو أرض سدوم { وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون } { فلولا نصرهم } أي هلا نصرهم عند نزول العذاب بهم { الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة } يعني الأصنام اتخذوها سبب يتقربون بها إلى الله على زعمهم { بل ضلوا عنهم } أي ذهبوا عن نصرهم { وذلك إفكهم وما كانوا يفترون } ، قيل: كذبهم الذي كانوا يقولون، ثم بين تعالى أن في الجن مؤمنا وكافرا كما في الإنس فقال سبحانه: { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن } ، قيل: صرفهم اليه بالأمر، أمرهم يصيروا اليه، وقيل: صرفهم إليه بالألطاف، وقيل: صرفهم إليه بالشهب، فإنها لما كثرت في أيام الرسول وحرست السماء علم جماعة من الجن أنه لأمر عظيم فصرفوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لطلب العلم فكان الشهب لطفا للجن، قيل: كانوا سبعة نفر فجعلهم رسلا إلى قومهم، وقيل: تسعة، وقيل: من جن نصيبين من أشرافهم منهم زوبعة، فقربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا إلى وادي نخلة، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قائم في جوف الليل يصلي أو في صلاة الفجر فاستمعوا لقراءته، وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم فلم يجيبوه إلى طلبته وأغروا به سفهاؤهم، وقيل: بل

" أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينذر الجن ويقرأ عليهم، فصرف الله نفرا منهم جمعهم له فقال: " إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فمن يتبعني؟ " قالها ثلاثا، فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: لم يحضره ليلة الجن غيري، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة في شعب الحجون فخط لي خطا وقال: لا تخرج حتى أعود إليك، ثم افتتح القراءة وسمعت صوتا شديدا حتى خفت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وغشيه أسودة كثيرة حالت حتى ما أسمع صوته ثم انقطعوا كقطع السحاب، فقال لي رسول الله: " رأيت شيئا؟ " قلت: نعم رجالا سودا بثياب بيض، فقال: " أولئك جن نصيبين وكانوا اثني عشر ألفا "

والسورة التي قرأها

إقرأ باسم ربك

[العلق: 1] { فلما حضروه } للقرآن قالوا: { انصتوا } اسكتوا مستمعين { فلما قضى } تم قراءته وفرغ { ولوا إلى قومهم منذرين }.

[46.30-35]

{ قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى } عن عطاء: إنهم كانوا على اليهودية، وعن ابن عباس: الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى فلذلك قالوا من بعد موسى { مصدقا لما بين يديه } من الكتب، يعني يصدق أنها حق { يهدي إلى الحق } يدل عليه { وإلى طريق مستقيم } ثم بين تمام خبر الجن فقال سبحانه حاكيا عنهم: { يا قومنا أجيبوا داعي الله } يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه يدعو إليه كما أن الكفار يدعون إلى الأوثان، وقيل: هو عام في كل من يدعو إلى توحيد الله وعدله وصدق وعده ووعيده { وآمنوا به } ، قيل: آمنوا بالله، وقيل: برسوله { يغفر لكم من ذنوبكم } ، وقيل: من للتبعيض فيغفر ما يتم عنه { ويجركم من عذاب أليم } ، قيل: استجاب لهم سبعون رجلا من الجن، وقوله تعالى: { ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض } أي لا يفوت على الله ولا يعجزه بالهرب { وليس له من دونه أولياء } أي من دون الله ناصر يدفع العذاب عنه { أولئك في ضلال مبين } أي ذهاب عن الحق ظاهر، ثم عاد إلى الرد على منكري البعث فقال سبحانه: { أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض }.... عرشي { ولم يعي بخلقهن } لم يعجز عنه، وقيل: لم يصبه كلال ولا إعياء ولا ضعف { بقادر على أن يحيي الموتى } بعد تفرق أجسادهم لأن اختراع الشيء أعظم من إعادته { بلى } جواب الاستفهام، إذا قيل: ألم تعلم ذلك؟ فيقول: به فاعلموا إنه قادر على ذلك، ثم عقبه بذكر الوعد فقال سبحانه: { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } قيل: يعرض عليهم النار مع شدة أهوالها، وقيل: يدخلون النار، ثم يقال لهم توبيخا: { أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا } ، قيل: أنهم يعترفون في وقت لا ينفعهم، بل يقال لهم: { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } { فاصبر } يا محمد على أذاهم وأداء الرسالة { كما صبر أولو العزم من الرسل } ، قيل: من للتأكيد والبيان لا للتبعيض، جميع الرسل أولو العزم لأنهم عزموا على أداء الرسالة والصبر فيها وتحمل الشدائد وأداء ما أمروا به، وقيل: من للتبعيض، وأراد بعضهم قيل: هم المذكورون في سورة الأنعام، وقيل: الذين أمروا بالقتال وأظهروا المكاشفة وجاهدوا وقاسوا قومهم كإبراهيم وموسى وعيسى، وقيل: اثني عشر من أنبياء بني إسرائيل منهم من قتل ومنهم من نشر بالمناشير، ومنهم من سلخ جلده، وقيل: أربعة موسى وعيسى ورابعهم محمد، وقيل: نوح صبر على أذى قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده، وإسحاق على الذبح، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى، وداوود { ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ } يعني أن هؤلاء وإن امتد تقادمهم فعند رؤية العذاب لم يكن ذلك إلا قليلا كساعة من نهار، أي هذا { بلاغ } الذي وعظتم به كفاية في الموعظة { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } الخارجون عن الاتعاظ به والعمل بموجبه.

Bog aan la aqoon