[هود: 54] { ومن يضلل الله فما له من هاد } ، قيل: من لم يجده ضالا فما له من هاد ما لم يهتد نفسه، وقيل: من يضلل من طريق الجنة والثواب لا يهديه اليها أحد { ومن يهد الله فما له من مضل } ، وقيل: يحكم بهدايته، وقيل: يهديه إلى طريق الجنة والثواب { أليس الله بعزيز ذي انتقام } استفهام، والمراد التقرير، يعني الله عز وجل عزيز قادر ينتقم من أعدائه { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } فإذا اعترفوا قيل لهم: { أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته } يعني لا يقدر على ذلك فكيف يعبدونهم ويخافونهم ولا يخافون خالق السماوات والأرض { قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون } ثم أوعدهم فقال سبحانه: { قل } يا محمد { اعملوا } وليس بأمر وإنما هو تهديد { على مكانتكم } أي على ما أنتم عليه، وقيل: على ما أنتم عليه من الاعتقاد { إني عامل } على ديني { فسوف تعلمون } إذا آتاكم عذاب الله { من يأتيه عذاب يخزيه } أي ستعلمون من يأتيه العذاب منا ومنكم { ويحل عليه عذاب مقيم } دائم للخزي والعذاب الأول في الدنيا.
[39.41-48]
{ إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق فمن اهتدى } بالقرآن { فلنفسه } لأن نفعه يعود عليه { ومن ضل فإنما يضل عليها } حيث يعود وبال ضلاله عليه { وما أنت عليهم بوكيل } لتجبرهم على الهدى، لأن التكليف مبني على الاختيار { الله يتوفى الأنفس حين موتها } يعني يقبضها عن التصرف ويمسكها ويحفظها حين موتها { والتي لم تمت في منامها } يريد ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، أي يتوفاها حين منامها، وشبه النائمين بالموتى، ومنه:
وهو الذي يتوفاكم بالليل
[الأنعام: 60] حيث لا يميزون ولا يتصرفون والموتى كذلك { فيمسك } الأنفس { التي قضى عليها الموت } الحقيقي إلى يوم القيامة { ويرسل الأخرى } النائمة { إلى أجل مسمى } إلى وقت ضربه لموتها { إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } في الأدلة { أم اتخذوا من دون الله شفعاء } يعني اتخذوا وزعموا أنها تنفعهم [تنفعكم] وهن الأصنام { قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } أنكم تعبدونها { قل لله الشفاعة جميعا } أي هو مالكها فلا يستطيع أحد شفاعة إلا بإذنه { له ملك السماوات والأرض ثم اليه ترجعون } يوم القيامة فلا يكون الملك في ذلك اليوم إلا له تعالى: { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } ، قيل: نفرت، وقيل: أنكرت { وإذا ذكر الذين من دونه } يعني الأوثان { إذا هم يستبشرون } يفرحون { قل } يا محمد { اللهم فاطر السماوات والأرض } أي خالقهما ابتدأ من غير شيء { عالم الغيب والشهادة } يعني ما غاب وما حضر، وقيل: الموجود والمعدوم { أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون } في أمر دينهم ودنياهم، وحكمه اثابة المؤمنين وعقوبة الظالمين وإنصاف المظلوم من الظالم قال سبحانه: { ولو أن للذين ظلموا } يعني ظلموا أنفسهم بالعصيان، وقيل: ظلموا الناس { ما في الأرض جميعا } من الأموال { ومثله معه لافتدوا به } أي جعلوا ذلك فداء لأنفسهم { من سوء العذاب يوم القيامة } أي أشده وسمي سوء لأنه يسوء صاحبه { وبدا لهم } أي ظهر لهم ما لم يكونوا يحتسبون، يعني ظهر جزاء أعمالهم الذي ينزل بهم ما لم يكن في حسابهم في الدنيا، وقيل: ظنوا أنها حسنات فبدت لهم سيئات { وبدا لهم سيئات ما كسبوا } أي سيئات أعمالهم التي كسبوها وسيئات كسبهم حين تعرض صحائفهم وكانت خافية عليهم كقوله:
أحصاه الله ونسوه
[المجادلة: 6]، وأراد بالسيئات أنواع العذاب التي يجازون بها على ما كسبوا فسماها سيئات، كما قال:
وجزاء سيئة سيئة مثلها
[الشورى: 40] { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } أي نزل بهم وأحاط بهم جزاء هزئهم لأنهم كانوا يستهزئون إذا ذكر عندهم البعث والنشور.
[39.49-55]
Bog aan la aqoon