ويستعجلونك بالعذاب
[الحج: 47]، وقيل: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعد الله المؤمنين الجنة فقالوا: على سبيل الهزء، وعجل لنا نصيبا منها، أو عجل لنا صحيفة أعمالنا ننظر فيها { قبل يوم الحساب } أي قبل يوم القيامة، قيل: لما قال: عجل لنا نصيبنا استهزاء نزل قوله: { اصبر على ما يقولون } يعني هؤلاء الكفار من التكذيب { واذكر عبدنا داوود } يعني اذكر أخاك داوود وكرامته على الله { ذا الأيد } ، قيل: ذا القوة على الأعداء وقهرهم أو ذا القوة في العباد { إنه أواب } يعني مع سلطانه أنه كان أوابا، قيل: مطيعا، وقيل: راجعا إلى الله بالتوبة { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن } لله وكان إذا سبح داوود يسبحن الطيور والجبال، وقيل: كانت تسير معه إذا سار { بالعشي والإشراق } بالصباح والرواح { والطير محشورة } مجموعة ملتفة من كل ناحية ويحتمل أن الله ألهمها ذلك، ويحتمل أن الملائكة حشرت الطيور عنده { كل له أواب } مطيع.
[38.20-26]
{ وشددنا ملكه } قويناه بالجنود والهيبة وكثرة العدد، وعن ابن عباس: كان أشد الملوك سلطانا، وقيل: كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل، وقيل: أربعون ألف، والذي شد الله به ملكه وقذف في قلوب قومه الهيبة أن رجلا ادعى على رجل بقرة وعجز عن إقامة البينة، فأوحى الله اليه في المنام أن اقتل المدعى عليه فقال: هذا منام، فأعيد الوحي عليه في اليقظة فأعلم الرجل فقال: إن الله لم يأخذني بهذا الذنب ولكن بأني قتلت اباه غيلة فقتله، فقال الناس: إن أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه { وآتيناه الحكمة } ، قيل: كل كلام وافق الحق فهو حكمة { وفصل الخطاب } المتميز بين الشيئين، وعن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قوله: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " وروي ان كان أهل زمان داوود يسأل بعضهم بعضا أن ينزل أحدهم لصاحبه من امرأته فيتزوجها إذا أعجبته وكان لهم عادة في المواساة بذلك، وروي أن الأنصار كانوا يواسون المهاجرين بمثل ذلك، روي أن عين داوود وقعت على امرأة رجل يقال له أوريا فأحبها فسأله النزول منها فاستحيا وفعل وهي أم سليمان، فقيل له: في عظم منزلتك لم يكن ينبغي لك أن تسأل رجلا ليس له إلا امرأة واحدة النزول عنها، وقيل: خطبها أوريا ثم خطبها داوود، وكان ذنبه أن خطب على خطبة أخيه المؤمن فقال سبحانه: { وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب } أي إذا اتوا داوود من سواره محرابه قيل: هو مصلاه { إذ دخلوا } من غير إذن { قالوا لا تخف خصمان } يا داوود نحن خصمان، وقيل: نحن خصمين، وأكثر المفسرين أنهما ملكين، وكان فزعه لأنهم دخلوا من غير إذن { بغا بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط } وهو مجاوزة الحد { واهدنا إلى سواء الصراط } أي وسط الطريق وهو الحق { إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة } تمثيلا، وكانا ملكين وقيل: أخي في الدين، وقيل كانا أخوين من بني إسرائيل، النعجة كناية عن الضأن، وقيل: كناية عن المرأة { فقال اكفلنيها } ملكنيها { وعزني في الخطاب } { قال لقد ظلمك } ، قيل: لما سمع الدعوى استعجل وقال: لقد ظلمك وكان ينبغي ألا يحكم بالظلم إلا بعد سماع كلامه فهذا كان ذنبه، وقيل: إنه اعترف صاحبه فعند ذلك قال: لقد ظلمك { وإن كثيرا من الخلطاء } يعني من الشركاء { ليبغي } بطلب الزيادة يعترض { بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم } يعني هؤلاء { وظن داوود أنما فتناه } ، قيل: علم لما لم يؤاخذهما، وقيل: أنه أخطأ بالقضاء على المدعى عليه، وروي أن الخصم قال لداوود: أنت أحق بهذا عند أن قال لقد ظلمك { فاستغفر ربه } أي طلب المغفرة { وخر راكعا } ، قيل: ساجدا لله { وأناب } أي تاب ورجع إلى مرضاة الله { فغفرنا له } يعني ما تقدم قيل: الصغيرة التي أتاها ويجوز أن يسأل المغفرة وإن كانت مغفورة { وإن له عندنا لزلفى } لقربى من رحمة الله ودرجات { وحسن مآب } أي حسن مرجع، وعن علي (عليه السلام): " من حدثكم بحديث داوود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وسبعين " { يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض } ، قيل: خلف بمن مضى من الأنبياء في الدعاء إلى توحيد الله وعدله وشرائعه والحكم بين عباده { فاحكم بين الناس بالحق } أي افصل أمورهم { ولا تتبع } في أمورك { طريق الهوى } بل اتبع طريق الجنة { فيضلك عن سبيل الله } عن دين الله { إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب }.
[38.27-34]
{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا } والباطل ما لا يكون فيه غرض صحيح { ذلك ظن الذين كفروا } أي خلقهما للعبث لا للحكمة { فويل للذين كفروا من النار } { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية { كتاب أنزلناه إليك } يعني القرآن { مبارك } لما فيه من منافع الدين والدنيا { ليدبروا آياته } يعني ليفكروا فيها، والتأمل الذي يؤدي إلى معرفة ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني الحسنة، وعن الحسن: قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده { وليتذكر أولوا الألباب } يعني أولوا العقول، ثم عطف على داوود حديث ابنه سليمان فقال سبحانه: { ووهبنا لداوود سليمان } أي أعطينا داوود سليمان { نعم العبد } كناية عن سليمان لأنه أقرب المذكورين، وقيل: كناية عن داوود { إنه أواب } الى طاعة الله سبحانه { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } الواقعات على ثلاث قوائم، وقيل: أن ترفع أحد يديها حتى تكون على طرف، وروي أن سليمان (عليه السلام) غزا أهل دمشق فأصاب ألف فرس، وقيل: ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة، وقيل: خرجت من البحر لها أجنحة، فقعد يوما بعدما صلى الأولى على كرسيه واستعرضها، فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وعن ورده ومن الذكر كان له وقت العشي وتهيبوه فلم يعلموه، واغتم لما فاته فاستردها وعقرها تقربا لله وبقي مائة، فما في أيدي الناس من الجياد فمن نسلها، وقيل: لما عقرها أبدله الله خيرا منها وهي الريح تجري بأمره، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة "
، وقال في زيد الخيل حين قدم عليه { فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي } يعني أحببت حب الخيل، وقيل: أراد بالخير المال، عن ذكر ربي أي عن صلاة العصر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أبو علي: كانت صلاة العصر لم تكن مفروضة فاشتغل عنها بالخيل، وقيل: كانت صلاة منذورة { حتى توارت بالحجاب } ، قيل: توارت الشمس بالحجاب، يعني غربت { ردوها علي } الهاء كناية عن الخيل عن أكثر المفسرين، وقيل: كناية عن الشمس يعني سأل الله أن يردها عليه فردت حتى صلى { فطفق مسحا بالسوق والأعناق } ، قيل: عقرها بالسيف، وقيل: جعل يمسح أعناق الخيل والأعقاب { ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا } روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" قال سليمان: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل ان شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل فألقته على كرسيه بين يديه، فلو قال: ان شاء الله كان كما قال "
، وكان الابتلاء لأجل الاستثناء، والجسد هو نصف الولد، وقيل: بل ولد له ولدا ميتا بلا روح فألقي على سريره، وقيل: امتحنه بمرض شديد ومرض على كرسيه، وأما ما يرووا من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان قال جار الله: فالله أعلم بصحته، والذي ذكره في الحاكم في تفسير الطرسشس أن هذا من كلام الحسوتة ولا يجوز على سليمان ذلك { ثم أناب } أي رجع إلى الله.
Bog aan la aqoon