وعن حذيفة: يجتمع الناس في صعيد فلا يتكلم أحد، فأول مدعو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { وقل رب ادخلني } القبر { مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق } أي أخرجني منه عند البعث، وقيل: نزلت حين أمر بالهجرة يريد ادخال المدينة والاخراج من مكة، وقيل: ادخاله مكة واخراجه منها آمنا من المشركين، وقيل: ادخاله الغار واخراجه منه سالما، وقيل: هو عام في كل ما يدخل فيه، قوله تعالى: { سلطانا نصيرا } قوة وغلبة فنصر بالرعب، وقيل: هو فتح مكة { وقل جاء الحق } وهو الإسلام { وزهق الباطل } وهو الشرك، وقيل: جاء الحق وهو القرآن وزهق الباطل فبطل الشيطان، والزهوق: الهلاك والبطلان وننزل من القرآن الآية من للتبيين أي كل شيء ننزل من القرآن فهو شفاء للمؤمنين يزدادون به ايمانا، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله "
ولا يزداد به الكافرون { إلا خسارا }.
[17.83-89]
{ وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه } نفد نفسه عن القيام بحقوق الله تعالى، وقيل: تكبر وتعظم { وإذا مسه الشر كان يؤوسا } قنوطا من الفرج { قل كل } يعني كل أحد { يعمل على شاكلته } أي على مذهبه وطريقته التي يشاكل حاله في الهوى والضلالة، وقيل: كل أحد من المؤمنين والكافرين، وقيل: ما هو أشكل بالصواب وأولى بالحق، وقيل: على عادته التي ألفها { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا } يعني الله أعلم بالمصيب والمخطئ { ويسألونك عن الروح } قيل: نزلت في اليهود حين قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أخبرنا ما الروح؟ وقيل: بعث اليهود الى قريش أن يسألوه عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح، فان أجاب عنها أو سكت فليس بنبي، وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبي، فبين لهم القصتين فندموا على سؤالهم، قيل: الروح جبريل، وقيل: هو ملك له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون لغة يسبح الله بجميع ذلك، وقيل خلق من خلق الله في السماء يأكلون ويشربون، وقيل: روح الحيوان، وقيل: الروح القرآن { من أمر ربي } أي من وحيه وكلامه { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } الخطاب عام أي أعطيتم قليلا بحسب ما تحتاجون اليه، وقيل: ما أوتيتم في جنب علم الله إلا قليلا، { ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا اليك } يعني ان شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن الصدور والمصاحف فلم نترك له أثر، { ثم لا تجد لك به علينا وكيلا } أي ناصر ينصرك فيرده عليك، وقيل: كفيلا، وقيل: حافظا يحفظه فيرده عليك { إلا رحمة من ربك } أي لكن ذلك رحمة ربك أنزله عليك وحفظه وجعله معجزة لك ويكون الاستثناء منقطع بمعنى ولكن رحمة من ربك تركه غير مذهوب به، وقيل: لكن ذلك من رحمة ربك أي أنزله عليك وحفظه وجعله معجزة لك { إن فضله كان عليك كبيرا } يعني نعمة عظيمة عليك، وعن ابن مسعود: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وان هذا القرآن تصبحون يوما ما فيكم منه شيء وذلك حين ترفع المصاحف وينزع ما في القلوب { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله } الآية نزلت حين قال الكفار: لو شئنا لقلنا مثل هذا، فأكذبهم الله تعالى، { ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } معينا على ذلك، والظهير في اللغة المعين وهو المظاهر، { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن } يعني كررنا فيه البينات وما يحتاجون اليه، { من كل مثل } يعني من كل ما يحتاج اليه من الأمثال والدلائل والعبر، قوله تعالى: { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } أي جحودا للحق.
[17.90-96]
{ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } الآية نزلت في جماعة من قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وابي سفيان، والأسود بن امية، والعاص بن الوليد والنضر بن الحارث، اجتمعوا عند الكعبة وقال بعضهم لبعض: ابعثوا الى محمد وكلموه وخاصموه، فبعثوا اليه أن اشراف قومك اجتمعوا لك، فبادر... انه بدا لهم في أمره وكان حريصا على دعائهم، فقالوا: يا محمد انا دعوناك لنعذر اليك ما نعلم رجلا أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، شتمت الآباء، وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وفرقت الجماعة، فان كنت جئت بهذا تطلب مالا أعطيناك، وان تطلب الشرف... فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما بذلك أمرت " ، فقالوا: إذا ليس أحد أضيق بلدا منا، فتسأل ربك يسير هذه الجبال ويجري الأنهار كأنهار الشام والعراق، وابعث لنا من مضى، وليكن فيهم قصي فانه شيخ صدوق، فنسأله عما تقول أحق أم باطل؟ فقال: " ما بهذا بعثت " فقالوا: سل ربك يبعث لنا ملكا يصدقك ويجعل لنا جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب، فقال: " ما بهذا أمرت " فقالوا: فاسقط علينا السماء كما زعمت ان ربك ان شاء فعل ذلك، فقال: " ذلك الى الله تعالى " فقالوا: انا لن نؤمن { أو تأتي بالله والملائكة قبيلا } فقام (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم، وقال تعالى حاكيا عنهم: { فتفجر الأنهار خلالها } وسطها { تفجيرا } { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا } أي قطعا كما زعمت كما خوفتنا به، { أو تأتي بالله والملائكة قبيلا } مقابلة نعاينهم، وقيل: مجتمعين كما تجتمع القبائل { أو يكون لك بيت من زخرف } من ذهب، وقرأ ابن مسعود من ذهب شاذ { حتى تنزل علينا كتابا } من السماء فيه تصديقك { قل } يا محمد { سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا } يعني لم يؤمنوا واعتلوا بان الرسول لا يكون من البشر وهذا جهل لأن الاعتبار بالمصالح لا يصح، ولأنه لو أتاهم ملك لكانوا يقولون أتانا من غير الجنس، { وما منع الناس أن يؤمنوا إذا جاءهم الهدى } أي الدلائل، وقيل: أراد القرآن { الا ان قالوا أبعث الله بشرا رسولا } { قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين } ساكنين قاطنين { لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا } منهم { قل } يا محمد لهم { كفى بالله شهيدا بيني وبينكم } بأني رسول اليكم، وقيل: يشهد له يوم القيامة { انه كان بعباده خبيرا بصيرا }.
[17.97-109]
{ ومن يهد الله فهو المهتد } قيل: من يحكم بهدايته فهو المهتد باخلاص العبادة، وقيل: من يهدي الله الى طريق الجنة والثواب { ومن يضلل } قيل: من أراد الله عقوبته لم يجد ناصرا يمنعه من عقابه، { فلن تجد لهم أولياء من دونه } من يوالهم، وقيل: لم ينصرهم { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } كقوله:
يوم يسحبون في النار على وجوههم
Bog aan la aqoon