Tafsirka Acqam

Al-Acqam d. 850 AH
154

Tafsirka Acqam

تفسير الأعقم

Noocyada

{ فهو وليهم اليوم } حكاية الحالة الماضية الذي كان يزين لهم الشيطان أعمالهم { وما أنزلنا عليك الكتاب } يعني القرآن { إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه } من الدين والأحكام والمختلفون هم أهل الملل والأهواء وهدى لمن اهتدى به إلى الجنة { ورحمة } والرحمة ثوابا ومغفرة { لقوم يؤمنون } يصدقون { والله أنزل من السماء ماء فأحيى به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون } سماع انصاف وتدبير، لأن من لم يسمع بقلبه فكأنه أصم لم يسمع، قوله تعالى: { وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم } قرئ بفتح النون وضمها { من بين فرث ودم لبنا خالصا } أي خلق الله اللبن وصد بين الفرث والدم وبينهما برزخ من قدرة الله لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة بل هو خالص من ذلك كله، قيل: إذا أكلت البهيمة واستقر في كرشها طبخته فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما، والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة، بجري الدم في العروق، واللبن في الضرع، ويبقي الفرث في الكرش، فسبحان الله العظيم ما أعظم قدرته { سائغا } سهل المرور في الحلق، ويقال: لم يغظ أحد باللبن قط { ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } ، قيل: السكر ما حرم الله من الشراب كالخمر، والحسن ما أحل منه كالرب والخل والتمر والزبيب، والخمر حرام قلم يبق إلا المطبوخ { وأوحى ربك إلى النحل } ألهمها بالقذف في قلوبها وتعليمها على وجه هو أعلم { أن اتخذي من الجبال بيوتا } أي مساكن { ومن الشجر ومما يعرشون } ما يبتنون، وقيل: ما يثبتون للنحل من الجبال والشجر والبيوت، والضمير في يعرشون للناس { ثم كلي من كل الثمرات } يعني كل ثمرة تشتهيها { فاسلكي سبل ربك ذللا } أي الطرق التي أفهمك وألهمك في عمل العسل، وقيل: إذا أكلت الثمرات في المواضع البعيدة من بيوتك فاسلكي إلى بيوتك راجعة سبل ربك { يخرج من بطونها شراب } هو العسل تلقيها من فيها وعن علي (عليه السلام): " العسل وصيم الذباب " ، فعلى هذا تلقيه من أسفلها { مختلف ألوانه } أبيض وأصفر وأحمر، وقيل: الأبيض من العسل تلقيه الشباب، والأصفر تلقيه الكهول، والأحمر تلقيه الشيب منها { فيه شفاء للناس } وعن عبد الله بن مسعود: " العسل شفاء من كل شيء والقرآن شفاء لما في الصدور، فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل "..

[16.70-74]

{ والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } أي أحسنه وأحقره وهو خمس وسبعون سنة، وقيل: سبعون سنة { لكيلا يعلم بعد علم شيئا } ليصير إلى حال يشبهه بحال الطفولية في النسيان وأن يعلم شيئا شيئا، ثم يسرع في نسيانه، فلا يعلم إن سئل عنه، وقيل: لئلا يعقل بعد عقله { والله فضل بعضكم على بعض في الرزق } فرزقهم أكثر مما رزق مماليكهم، وهم بشر مثلكم، وإخوانكم، فكان ينبغي أن تردوا فضل ما رزقتموه عليهم، حتى تساووا في الملبس والمطعم، كما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم):

" هم اخوانكم فاكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون "

{ أفبنعمة الله يجحدون } فجعل ذلك من جملة مجرد النعمة، وقيل: هو مثل ضربه الله للذين جعلوا له شركاء فقال لهم: ساوون بينكم وبين عبيدكم فيما أنعمت به عليكم، ولاتجعلوا له فيه شرك، ولا ترضون ذلك لأنفسكم، فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيدي لي شركاء، وقيل: المعنى أن الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعا { فهم فيه } في رزقي { سواء } فلا تحسب الموالي أنهم يردون على مماليكهم من عبيدهم شيئا من الرزق فإنما ذلك رزقي أجريه اليهم على أيديهم { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } جمع حافد وهوالذي يحفد أي يسرع في الطاعة والخدمة قيل: هم أولاد الأولاد، وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأول، وقيل: هم الاختان وهم أزواج البنات، قوله تعالى: { ويعبدون من دون الله } يعني الأوثان { ما لا يملك لهم رزقا } أي لا يقدر عليه { من السماوات والأرض شيئا } يعني من السماء المطر ومن الأرض النبات والأشجار، وقيل: لا يزيد في رزقهم ولا ينقص { ولا يستطيعون } دفع ضرر عن أنفسهم فإذا كان هذا حاله فكيف تعبدوه وتتخذوه إلها؟ { فلا تضربوا لله الأمثال } أيظهر الحق فلا تجعلوا لله أشباه فإنه لا مثل له ولا شبيه { إن الله يعلم } ، قيل: وعيد لهم يعلم ما عليكم من المضرة في غيره { وأنتم لا تعلمون } ، وقيل: هو يعلم خطأ ما أنتم عليه.

[16.75-81]

{ ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا } ، قيل: العبد يريد به الدين وسمي عبدا لأنه لعبد، وقيل: المراد بالعبد الحي المملوك وعليه أكثر المفسرين، ثم اختلفوا قيل: هو مثل ضربه الله للمؤمنين والكافرين، فأما الكافر فرزقه الله مالا فلم يعمل خيرا ولم يقدم طاعة { ومن رزقناه منا رزقا حسنا } فهو المؤمن رزقه الله فيكتسب الخير ويقدم الطاعة، وقيل: مثل ضربه الله لعبادة الأوثان التي لا تملك شيئا والعدل عن عبادة الله الذي يملك كل شيء وأنتم لا تعلمون، ثم علمتم كيف يضرب الأمثال فقال: مثلكم في إشراككم بالله الأوثان، مثل ما سواء بين مملوك عاجز عن التصرف من مالك قد رزقه الله مالا { فهو ينفق منه } كيف شاء فقال تعالى: { وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء } الآية نزلت في عثمان بن مظعون ومولى له كان ينفق عليه، وكان مولاه يكره الاسلام وينهاه عن الصدقة، وقيل: الأبكم أبي بن خلف، ومن يأمر بالعدل حمزة بن عبد المطلب، وعثمان بن مظعون قال في الغرائب: نزلت الآية في أبي بكر وأبي جهل { الحمد لله } أي الحمد لله على الكمال { بل أكثرهم لا يعلمون } فيجعلون الحمد لغيره، والأبكم هو الذي لا يقدر على الكلام وهو { كل على مولاه } أي ثقل { أينما يوجهه } حيث ما يرسله ويصرفه في طلب حاجة { لا يأت بخير هل يستوي هو ومن } هو سليم أي لا يستوي وذلك أنه { يأمر } الناس { بالعدل وهو } في نفسه { على صراط مستقيم } يعني كما لا يستوي بين الرجلين لا يستوي بين الله وبين الأصنام لا يستوي بين من يعبد الله ومن لا يعبده، قيل: نزل قوله: { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } في الكفار الذين استعجلوا الفتنة { لعلكم تشكرون } بنعمته عليكم { ألم يروا إلى الطير } قرئ بالتاء، والياء { مسخرات في جو السماء } مذللات للطيران بما خلق الله لها من أجنحة، والجو الهوى المتباعد من الأرض { ما يمسكهن } في قبضهن وبسطهن { إلا الله } وقدرته، قوله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا } أي مساكنا تسكنوها من الحجر والمدر وغير ذلك { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا } يعني الخيام والقباب والأدم ومن الشعر والوبر للسفر والحضر { يوم ظعنكم } رحلكم وسفركم { ويوم إقامتكم } في بلادكم أي يوم تنزلون وتقيمون { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها } الصوف للضأن والابل والشعر للماعز { أثاثا } ، قيل: مالا، وقيل: متاعا، وقيل: الأثاث المال من الإبل والغنم والعبيد، وقيل: هو متاع البيت من الفرش والأكسية ونحوها { ومتاعا } أي بلاغا تنتفعون بها { إلى حين } إلى مدة، قيل: إلى الموت، يعني أن الانتفاع في الدنيا يكون إلى مدة ولا تدوم، فينبغي للعاقل أن يختار الآخرة، وقيل: إلى حين إلى أن تقوم الساعة { والله جعل لكم مما خلق ظلالا } أي أشياء تستظلون بها من الحر وشدته من الأشجار والأبنية { وجعل لكم من الجبال أكنانا } أي مواضع لتسكنوا فيها { وجعل لكم سرابيل } هي القمصان والثياب من الصوف والكتان والقطن وغيره { تقيكم الحر } والبرد وغيرهما { وسرابيل تقيكم بأسكم } يعني أسلحة تقيكم في الحرب مثل الدروع وما أشبه ذلك { كذلك يتم نعمته عليكم } أي بمثل هذه الأشياء تعظم النعمة { لعلكم تسلمون } أي لتدخلوا في الإسلام إذا تفكرتم في هذه الدلائل.

[16.82-89]

{ فإن تولوا } أعرضوا عن إجابتك { فإنما عليك البلاغ المبين } وقوله: { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } بعبادة غيره وإضافتها إلى ما سواه جهلا وتقليدا، وقيل: ينكرون تقليدا، وقيل: يعرفون محمدا وهو من نعم الله عليهم ثم ينكرونه بتكذيبه ويجحدوه، وقيل: ما عدد عليهم من النعم في هذه السورة، فينكرون ذلك ويزعمون أنها كانت لآبائهم ورثوها عنهم { ويوم نبعث } يعني يوم القيامة { من كل أمة شهيدا } عليهم من أنفسهم قيل: هم الرسل، وقيل: عدول المؤمنين { ثم لا يؤذن للذين كفروا } ، قيل: لا يؤذن لهم في الاعتذار، وقيل: لا يسمع الاعتذار { ولا هم يستعتبون } ولا هم يسترضون، أي لا يقال لهم ارضوا ربكم لأن الآخرة ليست بدار عمل، يعني أنهم بعد شهادة الأنبياء (عليهم السلام) يمنعون الكلام في القاء المعذرة { وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم } يعني الذين أشركوا في العبادة وغيره، وقيل: وصفوا بالشريك كالنثوية وعبادة الأوثان وقوله: { شركاءهم } ، قيل: أوثانهم التي يعبدوها وجعلوها شركاء في العبادة { قالوا } يعني العباد { ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول } يعني الأوثان وقد أحياهم الله وأنطقهم، وقالوا لهؤلاء المشركون: إنكم لكاذبون في قولكم بأنا دعوناكم إلى العبادة وألقوا إلى الله يومئذ { السلم } استسلموا لله تعالى بأنه الإله المستحق للعبادة { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي يكذبون أنها تشفع لهم، قوله تعالى: { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } عن دينه وشرائعه وأحكامه { زدناهم عذابا فوق العذاب } يعني عذاب كفرهم وعذاب صدهم، والمراد به الرؤساء والقادة ونظيره

وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم

Bog aan la aqoon