70

Tafsir Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Baare

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Daabacaha

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

وَالْبَعُوضُ صِغَارُ الْبَقِّ سُمِّيَتْ بَعُوضَةً كَأَنَّهَا بَعْضُ الْبَقِّ ﴿فَمَا فَوْقَهَا﴾ يَعْنِي الذُّبَابَ وَالْعَنْكَبُوتَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْ فَمَا دُونَهَا كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ جَاهِلٌ فَيُقَالُ وَفَوْقَ ذَلِكَ أَيْ وَأَجْهَلُ ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِمُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ ﴿فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ﴾ يَعْنِي: الْمَثَلُ هُوَ ﴿الْحَقُّ﴾ الصِّدْقُ ﴿مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ أَيْ بِهَذَا الْمَثَلِ فَلَمَّا حَذَفَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ نَصَبَهُ عَلَى الْحَالِ وَالْقَطْعِ ثُمَّ أَجَابَهُمْ فَقَالَ ﴿يُضِلُّ بِهِ﴾ أَيْ بِهَذَا الْمَثَلِ ﴿كَثِيرًا﴾ الْكَفَّارَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَهُ فَيَزْدَادُونَ ضَلَالًا ﴿وَيَهْدِي بِهِ﴾ أَيْ بِهَذَا الْمَثَلِ ﴿كَثِيرًا﴾ الْمُؤْمِنِينَ فَيُصَدِّقُونَهُ، وَالْإِضْلَالُ: هُوَ الصَّرْفُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ. وَقِيلَ: هُوَ الْهَلَاكُ يُقَالُ ضَلَّ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ إِذَا هَلَكَ ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ الْكَافِرِينَ وَأَصْلُ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ يُقَالُ فَسَقَتِ الرُّطْبَةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ قِشْرِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" (٥٠-الْكَهْفِ) أَيْ خَرَجَ ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)﴾ فَقَالَ ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ﴾ يُخَالِفُونَ وَيَتْرُكُونَ وَأَصْلُ النَّقْضِ الْكَسْرُ ﴿عَهْدَ اللَّهِ﴾ أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْمِيثَاقِ بِقَوْلِهِ: "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى" (١٧٣-الْأَعْرَافِ) وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى النَّبِيِّينَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ فِي قَوْلِهِ: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ" (٨١-آلِ عِمْرَانَ) الْآيَةَ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْعَهْدَ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَيُبَيِّنُوا نَعْتَهُ ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ تَوْكِيدِهِ. وَالْمِيثَاقُ: الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يَعْنِي الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَبِجَمِيعِ الرُّسُلِ ﵈ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ "لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ" (٢٨٥-الْبَقَرَةِ) وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْأَرْحَامَ ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بِالْمَعَاصِي وَتَعْوِيقِ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَبِالْقُرْآنِ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ الْمَغْبُونُونَ، ثُمَّ قَالَ لِمُشْرِكِي الْعَرَبِ عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ بَعْدَ نَصْبِ الدَّلَائِلِ وَوُضُوحِ الْبَرَاهِينِ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّلَائِلَ فَقَالَ ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا﴾ نُطَفًا فِي أَصْلَابِ آبَائِكُمْ ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾ فِي الْأَرْحَامِ وَالدُّنْيَا ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ لِلْبَعْثِ ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أَيْ تُرَدُّونَ فِي الْآخِرَةِ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ.

1 / 77