65

Tafsir Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Baare

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Daabacaha

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

تَصِيرُوا فِي سَتْرٍ وَوِقَايَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَحُكْمُ اللَّهِ مِنْ وَرَائِكُمْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ كَمَا قَالَ "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" (٤٤-طه) أَيِ ادْعُوَاهُ إِلَى الْحَقِّ وَكُونَا عَلَى رَجَاءِ التَّذَكُّرِ، وَحُكْمُ اللَّهِ مِنْ وَرَائِهِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَعَلَّ وَعَسَى حَرْفَا تَرَجٍّ وَهُمَا مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ. ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾ أَيْ بِسَاطًا وَقِيلَ مَنَامًا وَقِيلَ وِطَاءً أَيْ ذَلَّلَهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا حَزْنَةً لَا يُمْكِنُ الْقَرَارُ عَلَيْهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ ذَنْبٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ عَظِيمٌ. ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ قَالَ: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" (١) وَالْجَعْلُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْخَلْقِ ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ وَسَقْفًا مَرْفُوعًا. ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أَيْ مِنَ السَّحَابِ ﴿مَاءً﴾ الْمَطَرَ ﴿فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ أَلْوَانَ الثَّمَرَاتِ وَأَنْوَاعَ النَّبَاتِ ﴿رِزْقًا لَكُمْ﴾ طَعَامًا لَكُمْ وَعَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ أَيْ أَمْثَالًا تَعْبُدُونَهُمْ كَعِبَادَةِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: النِّدُّ الضِّدُّ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَاللَّهُ تَعَالَى بَرِيءٌ مِنَ الْمِثْلِ وَالضِّدِّ. ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أَنَّهُ وَاحِدٌ خَالِقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ أَيْ ﴿وَإِنْ﴾ (٢) كُنْتُمْ فِي شَكٍّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُمْ شَاكُّونَ ﴿مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿عَلَى عَبْدِنَا﴾ مُحَمَّدٍ ﴿فَأْتُوا﴾ أَمْرُ تَعْجِيزٍ ﴿بِسُورَةٍ﴾ وَالسُّورَةُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مَعْلُومَةُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مِنْ أَسْأَرْتُ أَيْ أَفْضَلْتُ، حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ، وَقِيلَ: السُّورَةُ اسْمٌ للمنزلة الرفيعة ٨/أوَمِنْهُ سُورُ الْبِنَاءِ لِارْتِفَاعِهِ سُمِّيَتْ سُورَةً لِأَنَّ الْقَارِئَ يَنَالُ بِقِرَاءَتِهَا مَنْزِلَةً رَفِيعَةً حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْمَنَازِلَ بِاسْتِكْمَالِهِ سُوَرَ الْقُرْآنِ ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾ أَيْ مِثْلِ الْقُرْآنِ "وَمِنْ" صِلَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ (٣٠-النُّورِ) وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي مَثَلِهِ رَاجِعَةٌ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ يَعْنِي: مِنْ مِثْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ أُمِّيٌّ لَا يُحْسِنُ الْخَطَّ وَالْكِتَابَةَ [قَالَ مَحْمُودٌ هَاهُنَا مِنْ مِثْلِهِ دُونَ سَائِرِ السُّوَرِ، لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَهَذِهِ السُّورَةُ أَوَّلُ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَأَدْخَلَ مِنْ لِيُعْلَمَ أَنَّ التَّحَدِّي وَاقِعٌ عَلَى جَمِيعِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ أَدْخَلَ مِنْ فِي سَائِرِ السُّوَرِ كَانَ التَّحَدِّي وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ أَدْخَلَ فِي سَائِرِ السُّوَرِ كَانَ التَّحَدِّي وَاقِعًا عَلَى بَعْضِ السُّوَرِ] (٣) . ﴿وَادْعُوَا شُهَدَاءَكُمْ﴾ أَيْ وَاسْتَعِينُوا بِآلِهَتِكُمُ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَاسًا يَشْهَدُونَ لَكُمْ ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ يَقُولُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَمَّا تَحَدَّاهُمْ عَجَزُوا فَقَالَ ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ فِيمَا مَضَى ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ أَبَدًا فِيمَا بَقِيَ. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْإِعْجَازِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ

(١) أخرجه البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى "فلا تجعلوا لله أندادا" ١٣ / ٤٩١. ومسلم في الإيمان باب كون الشرك أقبح الذنب.. برقم (٨٦) ١ / ٩٠. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١ / ٨٢. (٢) زيادة من "ب". (٣) ساقط من المطبوع على هامش ابن كثير وغيره.

1 / 72