220

Tafsir Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Baare

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Daabacaha

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

أَيْ قَرُبَ إِلَى جَمْعٍ، فَسُمِّيَ الْمُزْدَلِفَةَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَوَّى يَوْمَهُ أَجْمَعَ أَيْ فَكَّرَ، أَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الرُّؤْيَا أَمْ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ فَسُمِّيَ الْيَوْمُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ ثَانِيًا فَلَمَّا أَصْبَحَ عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَسُمِّيَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَرِفُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِذُنُوبِهِمْ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنَ الْعَرْفِ وَهُوَ الطِّيبُ، وَسُمِّيَ مِنًى لِأَنَّهُ يُمَنَّى فِيهِ الدَّمُ أَيْ يُصَبُّ فَيَكُونُ فِيهِ الْفُرُوثُ وَالدِّمَاءُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْضِعُ طَيِّبًا وَعَرَفَاتٌ طَاهِرَةٌ عَنْهَا فَتَكُونُ طَيِّبَةً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ بِالدُّعَاءِ وَالتَّلْبِيَةِ ﴿عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ مَا بَيْنَ جَبَلَيِ الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ إِلَى الْمَحْسَرِ، وَلَيْسَ الْمَأْزِمَانِ وَلَا الْمَحْسَرُ مِنَ الْمَشْعَرِ، وَسُمِّيَ مَشْعَرًا مِنَ الشِّعَارِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ لِأَنَّهُ مِنْ مَعَالِمَ الْحَجِّ، وَأَصْلُ الْحَرَامِ: مِنَ الْمَنْعِ فَهُوَ، مَمْنُوعٌ أَنْ يُفْعَلَ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ، وَسُمِّيَ الْمُزْدَلِفَةُ جَمْعًا: لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ صَلَاتَيِ الْعِشَاءِ، وَالْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ تَكُونُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِهَا مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ. قَالَ طاووس كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ (١) كَيْمَا نُغِيرُ فَأَخَّرَ اللَّهُ هَذِهِ وَقَدَّمَ هَذِهِ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَقَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ، فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا" (٢) . وَقَالَ جَابِرٌ: "دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنِ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ" (٣) .

(١) جبل بين مكة ومنى وهو على يمين الداخل منها إلى مكة. (٢) رواه البخاري: في الحج باب النزول بين عرفة وجمع ٣ / ٥١٩ ومسلم في الحج - باب الإفاضة في عرفات إلى مزدلفة برقم (١٢٨٠) ٢ / ٩٣٤. (٣) رواه مسلم في الحج باب حجة النبي ﷺ برقم (١٢١٨) ٢ / ٨٨٦. والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٦٥.

1 / 229