176

Tafsir Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Baare

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Daabacaha

دار طيبة للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الرابعة

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ غَضْبَانَ ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ أَيْ لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦)﴾
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ قَالَ عَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: هو ما: اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ مَا الَّذِي صَبَّرَهُمْ عَلَى النَّارِ وَأَيُّ شَيْءٍ يُصَبِّرُهُمْ عَلَى النَّارِ حَتَّى تَرَكُوا الْحَقَّ وَاتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: وَاللَّهِ مَا لَهُمْ عَلَيْهَا مِنْ صَبْرٍ وَلَكِنْ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يُقَرِّبُهُمْ إِلَى النَّارِ قَالَ الْكِسَائِيُّ: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ النَّارِ أَيْ مَا أَدْوَمَهُمْ عَلَيْهِ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ يَعْنِي ذَلِكَ الْعَذَابَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَأَنْكَرُوهُ وَكَفَرُوا بِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَحَلُّهُ نَصْبٌ مَعْنَاهُ فِعْلُنَا ذَلِكَ بِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ ذَلِكَ أَيْ فِعْلُهُمُ الَّذِي يَفْعَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ وَالِاخْتِلَافِ وَالِاجْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ" (٧-الْبَقَرَةِ) ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ﴾ فَآمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ ﴿لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ أَيْ فِي خِلَافٍ وَضَلَالٍ بَعِيدٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ: لَيْسَ الْبِرَّ بِنَصْبِ الرَّاءِ، وَالْبَاقُونَ بِرَفْعِهَا، فَمَنْ رَفَعَهَا جَعَلَ ﴿الْبِرَّ﴾ اسْمَ لَيْسَ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَنْ تَوَلَّوْا، تَقْدِيرُهُ: لَيْسَ الْبِرُّ تَوْلِيَتَكُمْ وُجُوهَكُمْ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى "مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا" (٢٥-الْجَاثِيَةِ) . وَالْبِرُّ كُلُّ عَمَلِ خَيْرٍ يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: عَنَى بِهَا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تُصَلِّي قِبَلَ الْمَغْرِبِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالنَّصَارَى قِبَلَ الْمَشْرِقِ، وَزَعَمَ كُلُّ

1 / 185