Tafsirka Raghib Isbahani
تفسير الراغب الأصفهاني
Tifaftire
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
Daabacaha
كلية الدعوة وأصول الدين
Goobta Daabacaadda
جامعة أم القرى
وسبب نزول هذه الآية فيما روي أن أهل الكتاب سألوه أن ينزل عليهم كتابا من السماء، وذلك هما ذكره في قوله- ﷿ ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ الآية-، وقيل: هو ما سأله مشركو العرب وهو قولهم له ﴿وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾ وقيل: سألوه أن يجعل الصفا ذهبًا، فقال: هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل، فأبوا، وقيل، سألوه أن يجعل لهم ذات أنواط وهي شجرة تعلق فيها الأسلحة ليقتدوا بالمشركين في اتخاذها فقال ﵇: (الله أكبر، سألتم كما سال بنو إسرائيل موسى، فقالوا: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة)،
إن قيل: ما فائدة قوله: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ ومعلوم أنه بدون الكفر بالإيمان يعلم أنه قد ضل؟ قيل سواء السبيل وفي ذلك تنبيه أن ضلالة سواء السبيل قائدة إلى الكفر بعد الإيمان، ومعناه: " لا تسألوا رسولكم كما سئل موسى فتفضلوا سواء السبيل فيؤدي بكم إلى تبديل الكفر بالإيمان "، فمبدأ ذلك الضلال عن
سواء السبيل، ووجه آخر وهو أنه سمي معاندة الأنبياء ﵈ بعد حصول ما تسكن النفس إليه كفرًا، إذ هي مؤدية إليه، كتسمية العصير خمرًا، فقال: " ومن يتبدل " أي يطلب تبديل الكفر والإيمان أي بما حصل له من الدلالة المتقضية لسكون النفس فقد ضل سواء السبيل، ووجه ثالث، وهو أن ذلك نهاية التبكيت لن ظهر له الحق فعدل عنه إلى الباطل، وأنه كمن كان على وضح الطريق فتاه فيه، ووجه رابع: وهو أن سواء السبيل إشارة إلى الفطرة التي فطر الناس ما عليها، والإيمان إشارة إلى المكتسب من جهة الشرائع، فقال: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ﴾ أي بالإيمان الكتاب فقد أبطله وضيع الفطرة التي فطر الناس عليها، فلا يرجى له نزوع عما هو عليه بعد ذلك ...
1 / 290