240

Tafsirka Raghib Isbahani

تفسير الراغب الأصفهاني

Baare

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Daabacaha

كلية الدعوة وأصول الدين

Goobta Daabacaadda

جامعة أم القرى

قوله ﷿: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ الآية (٧٩) سورة البقرة. ويل: تقبيح، وقد يستعمل على سبيل التحسر، وما روى أبو سعيد الخدري- " ﵁ " - أنه واد في جهنم، فليس يعني أن الويل هو اسم لذلك الوادي، وإنما يعني أن الذين يجعل لهم الويل هم المتبوئون في ذلك الوادي، والكسب استجلاب نفع، وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً﴾، فعلى نحو قوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ إن قيل ما وجه توكيد الكتابة باليد، وهي لا تكون إلا بها، قيل: لما كانت اليد العاملة يختص بها الإنسان من بين الحيوان وهي أعظم جارحة، بل عامة المنافع راجعة إليها حتى لو توهمناها مرتفعة ارتفع بها الصناعات التي بها قوام العالم كالبناء، والحوك، والصوغ صارت مستعارة في القوى جميعا، والمنافع كلها حتى قيل: فلان يد فلان إذا قواه، وقيل للنعمة يد لما صارت معينة للمعطى إعانة يده وحتى صار مستعارًا في اللفظ لله تعالى بدلًا عن القدرة أو عن النعمة أو صفة أخرى غيرهما، فذكرت مثناة مرة ومجموعة مرة تصويرًا للمبالغة في ذلك، فقال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾، وقال تعالى: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾، وقال: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾، ووجه آخر، وهو أن الفعل ضربان: ابتداء، واقتداء، فيقال فيما كان ابتداء: " هذا مما عملته يدي فلان "، فقوله: ﴿مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي مما اخترعوه من تلقائهم، وعلى هذا قد يحمل قوله تعالى:

1 / 240