يصلي وعليه جنابة، أو بغير وضوء، أو بغير طمأنينة، فإنه لا يلزم بقضاء ما فاته، ولهذا أدلة كثيرة:
منها: حديث المسيء في صلاته، حيث لم يلزمه النبي ﷺ بقضاء ما سبق، مع أنه قال: "فإنك لم تصل" (^١)، وإنما أمره بإعادة الصلاة الحاضرة؛ لأنه مطالب بها في الوقت.
٦ - أن رحمة الله سبقت غضبه، حيث عفا عما سلف من الذنوب، لقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾، وهذه قاعدة معلومة من قوله تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤]، ومن قوله تعالى في الكتاب الذي كتبه عنده فوق العرش: "إن رحمتي سبقت غضبي" (^٢)، وينبني على هذه القاعدة: أن العفو أقرب إلى السلامة من العقوبة، ولهذا جاء عن عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال: "لأن أخطئ في العفو أحب إليّ من أن أخطئ في العقوبة" (^٣)، وينبني على ذلك قاعدة مهمة: لو تنازع العلماء في مسألة من المسائل بين محرم ومحلل، وتكافأت أدلة الطرفين، فإننا نأخذ بالأيسر والأسهل، بناءً على هذه القاعدة: أن رحمة الله سبقت غضبه، وأنه يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وبأن الأصل براءة الذمة. فهذه ثلاثة أمور.
٧ - أن نكاح المحارم أشد من الزنا، لقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ
(^١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات (٧٥٧)؛ ورواه مسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (٣٩٧) عن أبي هريرة.
(^٢) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء، حديث رقم (٦٩٨٦)؛ ومسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، حديث رقم (٢٧٥١) عن أبي هريرة.
(^٣) وهو في السنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٢٣٨) عن عمر بن الخطاب ﵁.