14

Fikirka Naqdiga

التفكير النقدي

Noocyada

إضافة إلى أهمية دور جيمس في دراسة علم النفس بناء على مبادئ علمية، فقد كان أيضا شخصية محورية في الفلسفة الأمريكية؛ إذ نشر مدرسة فكرية تسمى البراجماتية، وتعد المدرسة الفلسفية البارزة الوحيدة التي نشأت بكاملها في الولايات المتحدة، وينسب هذا التطور إلى البارع الغريب الأطوار تشارلز ساندرز بيرس.

ترى البراجماتية أن الأشياء تعرف بآثارها العملية لا بخصائصها التجريبية ولا الميتافيزيقية. فالسكين على سبيل المثال حاد، لكن ذلك ليس بسبب عرض حافته القاطعة، ولا لأنه جزء من أحد قوالب الحدة الأفلاطونية. وإنما لأن استخدامنا العملي للسكين (مثل قطع شيء ما)، هو وحده ما يحدد أن السكين حاد. ينطبق الأمر نفسه على الرسومات؛ إذ توصف بالجمال لتأثيرها في الناس، وليس بسبب أي صفات جوهرية فيها.

يستمد الدور الذي أدته الفلسفة البراجماتية في أصول التفكير النقدي من تحليل بيرس البراجماتي للتفكير ذاته؛ إذ لم يكن يراه خاصية للعقل أو الروح، بل وسيلة تؤدي إلى غاية.

وضع بيرس تلك الأفكار في أحد أعماله القليلة المنشورة، وهو مقال نشر عام 1877 في مجلة «بوبيولار ساينس مانثلي» بعنوان «رسوخ المعتقدات»،

10

الذي اقترح فيه أن الشك يحفز تفكيرنا بأكمله، وأننا جميعا لا ننفك عن توليد معتقدات كبيرة وصغيرة لتبديد الانزعاج من الشك. وبعد افتراض هذه المقدمة المنطقية، ذكر الكاتب أربع طرق تترسخ بها تلك المعتقدات في عقولنا.

من هذه الطرق «الاعتقاد المسبق»، التي تتمثل ببساطة في الاستمرار في الإيمان بالأشياء التي يعتقدها المرء مسبقا بالفعل أو الأشياء التي تشعره بالراحة. وتوجد طريقة أخرى تترسخ بها المعتقدات لدى الفرد وهي «السلطة»، مثل سلطة الكهنوت أو أعراف المجتمع التي تحدد المعتقدات والأفكار المحللة والمحرمة. وتلك السلطة غالبا ما تناهضها الأرواح الحرة؛ فالعديد من هؤلاء الأشخاص يشكلون معتقداتهم من خلال «التشبث» الذي يتضمن الركون إلى نظام عقدي والتشبث به بشجاعة، مهما كلف الأمر، وبغض النظر عما إذا كان صحيحا أو خاطئا.

وعلى الرغم من أن هذه الطرق الثلاثة لترسيخ المعتقد (الاعتقاد المسبق والسلطة والتشبث) تتسم بشيء يزكيها، فلا يعد أي منها خيارا ممتازا باعتبارها طرقا حصرية للوصول إلى الحقيقة . إذا كان الهدف الوصول إلى الحقيقة، فإن بيرس يقترح تبني نموذج العلوم؛ لأنها تتعامل مع المعتقدات بصفتها حالات شرطية حتى إن أجري عليها المزيد والمزيد من التجارب، ثم تجمع البراهين كي تقربنا أكثر وأكثر من الأفكار التي يحتمل أنها حقيقة.

وعلى الرغم من الدور المهم الذي أداه كل من بيرس وجيمس في التاريخ الفكري الأمريكي، فإن فيلسوفا براجماتيا آخر يعمل في مجال التعليم يدعى جون ديوي؛ هو من وضع تلك الأفكار في أول بناء ملموس للتفكير النقدي. (4) جون ديوي

درس جون ديوي في جامعة شيكاغو وجامعة كولومبيا بنيويورك منذ تسعينيات القرن التاسع عشر حتى عام 1930، ويعتبر من أهم المفكرين المشهورين في القرن العشرين. وعلى غرار ويليام جيمس، كان ديوي فيلسوفا براجماتيا، ومسهما أساسيا في النظريات المبكرة عن علم النفس البشري.

Bog aan la aqoon