Tafkir Cilmi
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Noocyada
41
ووصولنا إلى هذه النظرية لا يعني نهاية المطاف؛ فالبحث النقدي لا يتوقف، وإنما على الباحث أن يخضع النظرية في أي وقت لاختبارات جديدة، وكلما تخطت النظرية من هذا النوع ظلت هي الأعظم في المحتوى المعرفي، ومن حيث قوة تفسير، وأبقينا عليها مؤقتا؛ فهي أفضل ما لدينا من نظريات حتى الآن.
42
ومن ناحية أخرى فلم تعد التجربة الحاسمة بمثابة تأييد لأحد الفروض كما كان متبعا، وإنما أصبحت التجارب بمثابة اختبارات للنظريات القائمة ومحاولات من جانبنا للبحث عن الخطأ في النظريات، ومن ثم استبعادها. وإذا كان «التجريبيون المناطقة» قد اعتقدوا أنه يمكن الأخذ بالتجربة الحاسمة وذلك عن طريق التحقق من صدقها، فإنها عند بوبر يؤخذ بها لكونها ترفض النظرية بتكذيبها.
لكن ألا تؤدي التجربة أي دور إيجابي للنظرية؟ إن هذا الدور الإيجابي يتمثل في نجاح النظرية وفشل التجربة؛ بمعنى أنه إذا لم تنجح التجربة في رفض نظرية معينة، فإن النجاح يكون من حظ النظرية، وعندها نقول إن النظرية أصبحت معززة عن طريق التجارب. وكلما تخطت النظرية تجارب جديدة زادت درجة تعزيزها. ودور التجربة هنا وثيق الصلة بتصور بوبر للمعرفة؛ فكلما نجحت تجربة واستبعدنا نظرية كان علينا أن نبحث عن نظرية بديلة أكثر سعة وشمولا طبقا للمنهج البوبري.
43
إننا نستطيع أخيرا أن نعترض على فكرة التجارب الحاسمة على أساس أن تلك الفكرة تفترض ثبات معنى الحدود العلمية المتعاقبة. لكن إذا كانت تلك الحدود نظرية فما الذي يضمن لنا أن تقرير ملاحظة لإحدى التجارب الحاسمة سيمكننا بالفعل من الفصل بين النظريتين؟ فلو سلمنا بأن الحدود تتغير معانيها تبعا لتغير النظريات العلمية، فسينتج عن ذلك أن عبارات الملاحظات المستخدمة في التجارب الحاسمة لا تستطيع أن تعزز نظرية أو أن تكذب أخرى.
44
إننا نعتقد مع بعض الباحثين أن فكرة التعزيز لا تتجاوز كثيرا فكرة التأييد عند كارناب؛ ذلك لأن كلتا الفكرتين تقوم على أساس تحليل النظريات العلمية في إطار النسق الفرضي-الاستنباطي؛ فالتأييد يقوم على أساس أن النظرية تستلزم تنبؤات أو عبارات ملاحظة. وإذا كان التنبؤ كاذبا، فإن النظرية تكذب، أما إذا كانت هناك تنبؤات عديدة صادقة، فإن النظرية يتم تأييدها.
45
Bog aan la aqoon