158

Tafkir Cilmi

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

Noocyada

وتعتبر جميع أعمال هيزنبرج العلمية، سواء كانت في الطبيعة الذرية أو النووية، من الأركان الهامة في تلك الفروع. وكان لتلمذته على أساطين الذرة أثر كبير في إنتاجه العلمي، خصوصا في أوائل حياته العلمية؛ فلقد بدأ أعماله بمعالجة عجز نظرية «نيلز بور» عن تفسير الظواهر التي تشاهد في الذرات المعقدة التي تحتوي على أكثر من إلكترون. وعلل ذلك العجز بأن بور أسس نظريته على أمور لا يمكن مشاهدتها مباشرة، كحركة الإلكترونات في مداراتها، فاتخذ لنفسه أساسا لمعالجة الموضوع من وجهة نظر أخرى مبنية على مقادير طبيعية يمكن مشاهدتها وقياسها، كتردد الموجة مثلا وشدة استضاءة الخطوط الطيفية، وبذلك استثنى من افتراض صورة دوران الإلكترونات في مداراتها لتمثيل الذرة. ولقد أدى تطبيق نظريته هذه إلى نتيجة هامة جدا؛

9

هي قاعدة أو مبدأ اللايقين الذي نقوم بدراسته في هذا البحث.

لكل ما سبق قصدت إلى إنجاز بحث عن «مبدأ اللايقين عند هيزنبرج بين ذاتية كوبنهاجن وموضوعية أينشتين»، ساعيا من خلالها للتعرف على مفهوم مبدأ اللايقين، وأهم المضامين الإبستمولوجية التي نجمت عن هذا المبدأ. وهذا ما سوف نكشف عنه من خلال إلقاء الضوء على فلسفة هيزنبرج في فكرة اللايقين، وتحليل عناصرها الأساسية عبر تطورها، ثم إعادة بنائها في ضوء المناقشات التي أحاطت بها، والانتقادات التي تعرضت لها. وعلى هذا فإن هذا البحث يرمي إلى فهم وتأويل فلسفة هيزنبرج في مبدأ اللايقين، برؤية تحليلية نقدية.

وقد اعتمدنا في هذه المهمة على منهجين؛ وهما: المنهج التاريخي والمنهج النقدي. وقد استخدمنا المنهج التاريخي بمعنيين؛ الأول بمعنى الرجوع إلى الوقائع التاريخية التي قام عليها مبدأ اللايقين، والثاني بمعنى تطور مبدأ اللايقين عبر مراحله الزمنية. واستخدمنا كذلك المنهج النقدي بمعنيين؛ قصدنا بالمعنى الأول فحص وتحليل النتائج التي انتهى إليها هيزنبرج على أساس الأهداف التي حددها لفلسفته في مبدأ اللايقين. وقصدنا بالمعنى الثاني محاولة تقييم أفكار هيزنبرج في مبدأ اللايقين في ضوء الانتقادات الفلسفية التي تعرضت لها، وفي ضوء إمكان تطوير هذه الأفكار وحدود هذا التطوير.

وبهذا تتجسد محاور البحث على النحو التالي:

التفسير العلمي لمبدأ اللايقين

البعد الذاتي لمبدأ اللايقين

البعد الموضوعي لمبدأ اللايقين

أولا: التفسير العلمي لمبدأ اللايقين

Bog aan la aqoon