Tafkir Cilmi
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Noocyada
27
من هنا يتضح لنا أن حديث ألدو مييلي عن العلم العربي يعني تلك الجهود التي بذلها الباحثون في العالم الإسلامي في مجال الدراسات العلمية (سواء كانت دراسات طبيعية أو رياضية) وما تمخضت عنه تلك الجهود من أعمال في هذا المجال سواء كانت هذه الأعمال في صورة مؤلفات أو مترجمات أو شروح أو هوامش تدور حول مسائل علمية، والباحثون في العالم الإسلامي هنا هم كل من ساهم في حقل العلم أيا كانت صورة هذه المساهمة.
وقد ساير كثير من المستشرقين والباحثين ألدو مييلي في تسمية العلم الذي ساد البلدان الإسلامية من القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر الميلادي ب «العلم العربي»، فنجد مثلا «نلينو» يعرف العلم العربي بأنه يطلق على «جميع الأمم والشعوب القاطنة في الممالك الإسلامية والمستخدمة للغة العربية في أكثر تآليفها العلمية».
28
ويذكر «مارتن بلسنر» أن المستشرق الألماني «برجشتريسر».
29
يعتبر أن اللغة العربية أداة العلم الرئيسية، وقد قامت في المشرق بالدور الذي قامت به اللغة اللاتينية في المغرب. وقد قام بإنجاز مقنع أن اللغة العربية قدمت منذ البداية الأداة الكافية للتعبير العلمي الدقيق. ولم تحتل العربية هذه المكانة الرفيعة بذاتها، ولكن الموقع المركزي للعربية بوصفها لغة الدين الإسلامي والإرادة، هو الذي أدى إلى تطويعها لتلائم المتطلبات العلمية. وهذا النجاح الذي حققته عملية تطويع اللغة العربية، إنما كان إلى حد كبير نتيجة لجهد متعمد مقصود لذاته، والدليل على ذلك أن الأعمال العلمية العربية يمكن أن تفهم جيدا دون الحاجة إلى معرفة عميقة بالشعر القديم أو النثر (أي دون حاجة إلى معرفة تامة عميقة باللغة العربية)، ناهيك عن أعمال النثر الفني التي كتبت في العصور المتأخرة، على الرغم من أن النحو والصرف وقدرا كبيرا من المقررات في اللغة العربية لم يطرأ عليها سوى تغير طفيف منذ أقدم العصور.
30
ويحلل الدكتور «جلال موسى» نظرة المستشرقين للعلم العربي فيذكر بأنها نظرة تدخل في تسمية العرب أمما أخرى من المشاركين في لغة كتب العلم وفي كونهم تبعة الدولة الإسلامية، فكان الاصطلاح «عربي» نسبة إلى لغة الكتب لا إلى الأمة التي هي إسلامية، فانتسب إلى اللغة.
ثم يستطرد فيقول: «فإن قيل: استعمال لفظ المسلمين أصح وأصوب من لفظة العرب، وبذلك يكون العلم إسلاميا لا عربيا. قلنا: إن ذلك غير صحيح لسببين:
Bog aan la aqoon