Tafkir Cilmi
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Noocyada
والورقة من البداية حتى النهاية تبدو محض هراء. وهي محاكاة هزلية صيغت ببراعة للهذر المتجاوز عند أتباع ما بعد الحداثة. وقد حفز سوكال على تأليفها كتاب لبول جروس ونورمان ليفيت في كتابهما «الخرافة الراقية».
64
ووجد سوكال أن من الصعب عليه أن يصدق ما قرأه في هذا الكتاب فتابع ما فيه من مراجع عن أدبيات ما بعد الحداثة، ووجد أن جروس وليفيت لم يبالغا في كتابهما. وقرر أن يفعل شيئا بهذا الشأن، وحسب كلمات جاري كاميا التي عاشت الحدث: «كل من حدث له أن أنفق وقتا كثيرا وهو يخوض هذه الأناشيد المنحرفة الزائفة الظلامية المليئة بالرطانة، والتي تمرر الآن على أنها فكر «تقدمي» في الإنسانيات، كل من حدث له ذلك يعرف أنه سيكون من المحتم إن آجلا أو عاجلا أن يحدث أن: واحدا من الأكاديميين البارعين وقد تسلح بكلمات السر التي هي سرية جدا (مثل «هيرمينوطيقي»، «انتهاكي» «تابع لمذهب لاكان»، «الهيمنة»، ونحن لم نذكر هنا إلا القليل)، سوف يكتب ورقة بحث زائفة بالكامل، ويقدمها إلى أي مجلة «رائجة»، وينال قبولا لها ... يستخدم سوكال في مقاله كل المصطلحات المناسبة. وهو يستشهد بكل من هم أفضل الكتاب.»
65
ثم ما لبث سوكال أن كشف عن حقيقة الخدعة؛ حيث إنه بمجرد صدور العدد الذي يتضمن المقال، بادر إلى الكشف عن خدعته من خلال مقال صادم نشره في مجلة «لينجوا فرنكا»
Lingua Franca
الأمريكية يبين فيها أنه زيف محتوى مقاله الأول. وأعلن سوكال في مقاله هذا أن الأمر كله خدعة. معترفا بأن ما كتبه لا يعدو أن يكون خدعة لفظية وصنعة بلاغية لا يعول عليها؛ يقول سوكال: «لعدة سنوات انشغلت بالانحدار الظاهر والواضح في معايير الصرامة العقلية في الدوائر الأكاديمية بالدراسات الأمريكية، ولكن لأنني فيزيائي فقط وجدت نفسي غير قادر على الإلمام بالموضوع للتمييز والاختلاف؛ ولذلك قررت أن أجري تجربة متواضعة (رغم كونها تمثل عينة لا يمكن التحكم بها): وصحيفة شمال أمريكا للدراسات الثقافية، والتي تتبنى هيئة تحريرها مثل هذه المجموعات، مثل فريدريك جيمسون، وأندرو روس، اللذين نشرا المقالة المتضمنة الخدعة والهراء؛ إذ أن (المجموعة أ) كانت تبدو جيدة، و(المجموعة ب) اشتملت على أيديولوجيا وأفكار المحررين ومفاهيمهم. ولسوء الحظ، فالإجابة كانت بنعم، والقراء المهتمون يستطيعون أن يرجعوا إلى مقالي الذي حمل عنوان «اختراق الحدود: نحو تأويل تحويلي للجاذبية الكمية» والذي نشر ضمن العدد الربيعي-الصيفي في مجلة ال «سوشيال تكست
social text »، ومن الواضح أن مقالي قد نشر ضمن عدد خاص من المجلة، والذي حمل عنوانها اسم «حروب العلم». ماذا يدور هنا؟ هل عجز أعضاء هيئة تحرير المجلة عن معرفة أن مقالي كان يمثل محاكاة ساخرة
؟»
66
Bog aan la aqoon