Tafkir Cilmi
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Noocyada
16
وإلى هذا المعنى تفطن المستشرق الفرنسي «دي روسلان»؛ إذ درس بدقة معجم المصطلحات التي استخدمها «ابن خلدون»، وضبط مدلولات ألفاظها، فذكر أن ابن خلدون إنما قصد بالبدو والرحل «الأعراب من سكان البادية، الذين يقيمون في الخيام».
17
وهذا يعتبر وضعا اجتماعيا ظرفيا فرضته الحياة البدوية في زمن الأزمة، وهذا الوضع لا يفيد أن أفراده بفطرتهم الأولى، قاصرون علما وعملا، بل إن ابن خلدون يصرح بكل وضوح، ردا على من يعتقد ذلك الذي «ظن أن البدو قاصرة بفطرتها وجبلتها عن فطرته وليس كذلك؛ فإنا نجد في أهل البدو من هو أعلى رتبة في الفهم والكمال في عقله وفطرته».
18
كما يرد على من «يظن من رحالة أهل المغرب أن أهل المشرق أشد نباهة وأعظم كيسا بفطرتهم الأولى، وأن نفوسهم الناطقة أكمل بفطرتها من نفوس أهل المغرب، ويعتقدون التفاوت بيننا وبينهم في حقيقة الإنسانية، يتشيعون لذلك، ويولعون به لما يرون من كيسهم في العلوم والصنائع وليس كذلك».
19
ومن هنا يتضح لنا أن ابن خلدون كان يحارب الجمود والتخلف، وأنه لا وجود لعرق متفوق ولا لعرق وضيع ف «الكل له مزية، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالسعي والعمل الصالح.»
20 (ب) وأما الفريق الثاني
وقد كانوا أكثر إنصافا؛ حيث أقروا بأن هناك علما عربيا، وإن ظل في إطاره العام يونانيا، فإنه قد أعاد النظر إلى العلم اليوناني من جديد، وبحث فيه بروح تقديمه وفيه قدر لا بأس به من الاستقلال والإبداع والابتكار. وخير من يمثل هذا الفريق من المستشرقين هو المستشرق الإيطالي «ألدو مييلي
Bog aan la aqoon