ما الحمام ميعادك ، والنعش أعوادك ، والشيب أنذارك؟ فما أعذارك ، في القبر مقيلك ، فما قيلك ؟ وإلى الله مصيرك ، فمن نصيرك؟ وأنشد قول : [من المجتث] دنياك دار غرور ذة مستع ار ورأس مالك نفس فاحذز عليها الخسارة ان ملك سليما ن لا يفي بشراره 5161 قيل : لما دخل أبو الدرداء الشام ، قال : يا أهل الشام ، اسمعوا قول 178 أ] ناصح ، واجتمعوا عليه ، فقال : مالي أراكم تبنون ما لا تسكتون تجمعون ما لا تأكلون ، إن الذين كانوا من قبلكم بنوا مشيدا ، وأملوا بعيدا ، وجمعوا كثيرا ، فأصبح أملهم غرورا ، وجمعهم ثبورا ، ومساكنهم قبورا 1616 5 وقال إبراهيم الخؤاص : مررت في بعض سياحتي بصومعة راهب ، 5161 حلية الأولياء 213/1 ، وتاريخ بغداد 154/5 ، وتاريخ دمشق 334/56 ، ومختصره . 36/2 4 فناديته : يا راهب ؛ فاطلع علي ، فقلت : يا راهب ، كم لك في هذه لصومعة؟ قال : سبعون سنة ؛ تلت : ولم؟ قال : لأحبس هذا السبع عن الناس ، ومد يده إلى لسانه ؛ قلت : وكيف وجدت طعم الوحدة؟ قال : لو نقتها لاستوحشت إليها ؛ قلت : فلم لبست السواد؟ قال : لأن الدنيا دار أتم، قلت: فما بالنا نكره الموت؟ قال : لأنكم عمرتم دنياكم، وأخربم أخرتكم ، فأنتم تكرهون الانتقال من العمران إلى الخراب ، فلو خري دنياكم ، وعمرتم آخرتكم لأحببتم أن تنتقلوا من الخراب إلى العمران 1617 5 وكأن علي بن عمرو العسكري يقول : رأيت فليتا الكوفي المجنون، والصبيان حوله يؤذونه ، ويرمونه بالحجارة ، وهو يقول : ( ولمن صبر غفران ذلك لمن عزم الأمور) [الشورى : 43] 1618 5 فما هذه السنة وأنتم منتبهون؟ وما هذه الغفلة وأنتم حاضرون؟ وما هذه لسكرة وأنتم صاحون؟ وما هذه الإقامة وأنتم راحلون؟ وما هذه الطمأنيتة وأنتم مطلوبون؟ أما آن لأبناء الغفلة [أن] يستيقظوا؟ ، أما آن لذوي الفطرة [أن] يتفكروا؟ [178ب] لقد صدقكم الموت عين الخبر ، وأراكم تصاريف لعبر يا أيها الرجل اعتبر بمن مضى من الملوك والأقيال ، وخلا من الأمم الأجيال ، وكيف بسطت لهم الدنيا وألبستهم الآجال ، وانفسح لهم في المعنى والآمال ، واغتزوا بالمنى والعدد والأموال ، كيف طحنهم بكلكله المنون ، وأخذهم بزخرفه الدهر الخؤون ، وأسكنوا بعد سعة القصور بين الجنادل والصخور ، وعاد العين أثرا ، والملك خبرا ؛ فالدنيا تقبل إقبال 51611 عقلاء المجانير ٤2 الطالب ، وتدبر إدبار الهارب ، وتفارق فراق العجول ، فخيرها يسير عيشها قصير ، وإقبالها خديعة ، وإدبارها فجيعة ، ولذاتها فانية ، تبعاتها باقية ؛ فاغتنم غفوة الزمان ، وانتهز فرصة الإمكان ، وخذ من نفسك ، وتزود من يومك لغدك ؛ وقال : [من الوافرا لا تبا لدنيا نحن فيها لقد خابت وخاب المقتنيه متىن انتبهت وقد رقدت خداعا فلم تحفل برقدتها بنيه سل الأيام ما فعلت بكسرى وقيصر والقصور وساكنيها أما استدعتهم للموت طرا فلم تدع الحليم ولا السفيها دتت نحو الدنيء بسهم خطب فأضمته وأؤجهت الوجيه أما لو بيعت الدنيا بفلس نفت لعاقل أن يشتريه يقينا قلت ما فيها كأني حكيت مقالها عنها بفيه 161 5[179 وقال صلم : «من أصبح والدنيا أكبر همه ، فليس من الل شيء ، وألزم الله قلبه أربع خصال : هما لا ينقطع أبدا ، وشغلا لا يفرع أبدا ، وأملا لا ينقضي أبدا ، وفقرا لا ينتهي غناه أبدا» 1620 5 كان عيسى عليه السلام يقول : إدامي الجوغ ، وشعاري الخوف ولباسي الصوف ، ودابتي رجلاي ، وسراجي في الليل القمر ، وصلائي ي الشتاء مشارق الشمس ، [وطعامي] وفاكهتي ما أنبتت الأرض للأنعام ، وليس لي شيء ، وليس أحد أغنى من 51619 الحديث في : إحياء علوم الدين 176/3 ، وإتحاف السادة المتقين 84/8 ، ونهاية الأرب /244 ، وكنز العمال رقم (6267) .
51620 حلية الأولياء 2/ 137 ، والتذكرة الحمدونية 16٠/1 ، وتهاية الأرب 5/ 252 442 1621 5 وسليمان بن داود عليهما السلام ، وما أوتي من الملك ، إذ كان يأكا خبز الشعير ، ويطعم أهله الحنطة ، وإذا جنه الليل لبس المسوح ، وغل يده لى عنقه ، وبات باكيا حتى يصبح ، ويكثر من قول : رب إني ظلمت نه للما كثيرا ، وإن لم تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين (لا إلنه إلا أنت بحنطق إنى كنت من الظللميت9 [الأنبياء : 87 162 5 وموسى عليه السلام كان يبين خضرة البقل من صفاق بطنه من الهزال بؤلاء أنبياء الله وأصفياؤه ، وأؤلياؤه ، يتنزهون عن الدنيا ، وزهدوا فيما زهدهم الله منه ، وبغضوا ما بغض ، وصغروا ما صغر، ثم اقتص لصالحون آثارهم ، وسلكوا مناهجهم 1623 5 وعن أبي الحسن ، أحمد بن نعيم الصواف ، يإسناده إلى خليفة بن الحسين قال : سمعت قيس بن عاصم المنقري يقول : قدمت على رسول لله صلم في وفد بني تميم ، فقال لي : « اغتسل بماء وسدر » ، ففعلت 179ب] ثم عدت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، عظنا عظة ننتفع بها ؛ قال : «يا قيس ، إن مع العز ذلا ، وإن مع الحياة مؤتا ، وإن مع الدني آخرة ، وإن لكل [شيء] حسابا ، وعلى كل شيء رقيبا ، وإن لكل حسنة نوابا ، ولكل سيئة عقابا ، وإن لكل أجل كتابا ، وإنه لا بد - يا قيس - من فرين يدفن معك ، وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت ، فإن كان كريما كرمك ، وإن كان لئيما أسلمك ، ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تبعث إلا 162ص حلية الأولياء 2/ 137 ، والتذكرة الحمدوتية 161/1 51622 حلية الأولياء 137/2 ، والتذكرة الحمدونية 161/1 ، وربيع أبرار 84/5 51622 البصائر والذخائر 14/8 .
442 معه ، و لا تسأل إلا عنه ، فلا تجعله إلا صالحا ، فانه إن كان صالحا لا تأنس إلا به ، وإن كان فاحشا لم تستوحش إلامنه ، وهو فعلك» 162 5 وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لما وفد وفد عبد القيس على رسول لله صلم قال : « أيكم يعرف قس بن ساعدة» ؟ فقالوا : كلنا نعرفه يا رسول لله ، قال : « لست أنساء بعكاظ على جمل أحمر ، وهو يخطب الناس ، ويقول : أيها الناس ! اجتمعوا ، فإذا اجتمعتم فاسمعوا ، وإذا سمعتم فعوا ، فمإذا وعيتم فقولوا ، وإذا قلتم فاصدقوا من عاش مات ، ومن مات فات ، وكن ما هو آت آت ، إن في السماء لخبرا ، وإن في الأرض لعبرا ، لئل داج ، وسماء ذات أبراج ، مهادا موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبخر لا يغور ، أفسم قس قسم حق لا كذب فيه ولا إثم ، لئن كان في الأرض رضا ، ليكونن سخط ، إن ذ دنيا هي أحب إليه من دنياكم هذه التي أنتم فيها(1) ، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون [180أ] أرضوا بالمقام فأقاموا ، أم تركوا على حالتهم نناموا» فقال لهم رسول الله صلم : « لكم يروي شعره » ؟ فأنشده رجل منهم قوله(2) : [من مجزوء الكامل ] 5162 الخبر برواياته الثلاث ، في : البداية والنهاية 299/3 وما بعد ، وقال ابن كثير : إنها كله ضعيفة ، وبهجة المجالس 151/2 . والأغاني 246/15 والوافي بالوفيات 241/24 . ومزيد خريج في هواتف الجنان للخرائطي 62 - 63 . والمعروف أن قس بن ساعدة إيادي (1) كذا في الأصل . والمعروف قوله : إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم هذا.
(2) الأبيات في : العقد الفريد 128/4 والبيان والتبيين 308/1 - 309 ، والتذكرة الحمدونية 6/ 252 ، والزهرة 505/2 ، وهواتف الجنان 63 444 لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادز رأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر والأكابز لا يزجع الماضي إليك ولا من الباقين غابر سكنوا الفبور فوطنو1 ول المناكر هي المقاب (3)0 تهنت أني لا محا لة حيث صار القوم صائر م قال الرجل : لقد رأيت عجبا ، اقتحمت واديا ، فاذا أنا بعين جارية ، وروضة مذهامة ، وشجرة عادية ، وإذا أنا بقس بن ساعدة قاعد ف صل الشجرة ، وبيده قضيث ، وقد ورد على العين سباع كثيرة ، كلما ورد سبع على صاحبه ضربه بالعصا ، وقال له : تنح حتى يشرب الذي ورد قبلك ، فلما رأيت ذلك ذعرت منه ذعرا شديدا ، فالتفت إلي وقال : لا تخف ، فالتفت فإذا أنا بقبرين بينهما مسجد ، فقلت : ما هذان القبران؟
قال : هما قبرا أخوي ، كانا يعبدان الله عز وجل في هذا الموضع ، وأنا عبد الله حتى ألحق بهما ؛ فقلت : ألا تلحق بقومك ، فتكون في حيزهم؟
فقال لي : ثكلتك أمك ، أو ما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين آبائها [180ب] واتبعت الأضداد ، وعظمت الأنداد ؛ ثم تركني وأقبل على لقبرين ، وبكى ، ثم أنشد يقول(4) : [من الطويل ليلع هبا طال ما قد رقدتما أجدكما ما تقضيان كراكما أرى النوم بين العظم والجلد منكما كأن الذي يسقي العقار سقاكما 3) كذا .
(4) الأبيات في : البداية والنهاية 309/3 - 31٠ ، والجليس و ولانيس 1/ 562 (وفيه خبر انحر) والوافي بالوفيات 24/ 242 ، ومختصر تاريخ دمشق 328/23 14 مقيم على قبريكما لست بارحا طوال الليالي أو يجيب صداكما فلو جعلت نفس لنفس وقاية لجدت بنفسي أن تكون فداكم 162 5 وفي الحديث : أن النبي صلم قال : « إن قس بن ساعدة يبعث أمة حدة» .
يعني أن كل أمة امنت بنبيها تبعث أمة واحدة لا يخالطها غيرها ، ويبعث قس أيضا وحده أمة واحدة ليس معه أحد .
1626 5 وعن قتادة ، عن الحسن رضي الله عنهما ، قال : قال رسول اللهصلعم لايدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر ، أما أسمي لكم لك الرجل ؟ قالوا: بلى يا رسول الله ؛ قال : ذلك أويس القرني ، ثم قال : يا عمر، إن أدركته فأقرثه مني السلام ، وقل له حتى يدعو لك ، واعلم أنه كان به وضح فدعا الله تعالى فرفع عنه ، ثم دعاه فرد عليه بعضه» .
فلما كانت خلافة عمر رضي الله عنه وهو في الموسم . فقال : ليجلس كل رجل منكم إلا من كان من قرن ؛ فجلسوا إلا رجلا ، فدعاه ، فقال : هل تعرف فيكم رجلا اسمه أويس؟ قال : وما تريد منه؟ فإنه رجل لا يعرف ، أوي إلى الخراب ، لا يخالط الناس ؛ فقال : أقره مني [181ا] السلام، وقل له حتى يلقاني ؛ فأبلغه الرجل رسالة عمر رضي الله عنه ، فقدم عليه ، قال له عمر : أنت أويس ؟ قال : نعم يا أعير المؤمنين ، فقال : صدق الله ورسوله ، هل كان بك وضح فدعوت الله فرفعه عنك ، ثم دعوته فرد عليك عضه ؟ فقال : نعم ، من خبرك به ، فوالله ما اطلع عليه غير الله ! فقال 5162 الحديث في : الأغاني 15/ 247 ، وثمار القلوب 225/1 ، والوافي بالوفيات 241/24 51626 الحديث في : عقلاء المجانين 98 - 99 ، وسير الذهبي 20/4 - 6 44 أخبرني به رسول الله صلم وأمرني حتى أسألك أن تدعو لي ، وقال : «يدخا لجنة بشفاعة رجل من أمتي ، أكثر من ربيعة ومضر» . ثم سماك فدعا لعم رضي الله عنه ثم قال له : حاجتي إليك يا أمير المؤمنين أن تكتمها علي وتأذن لي في الانصراف ؛ ففعل فلم يزل مستخفيا حتى قتل يوم نهاوند فيمن ستشهد 1627 5 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلعلم أنه قال : « ملوك الدنيا ، كا أشعث أغبر ذي طمرين ، لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبر قسمه» 1628 5 وقال صلم : «ملوك الجنة من أمتي ، القانع برزق يوم بيوم» وأنت مسافر من يوم رضاعة ، فأين البضاعة؟ أين زاد الاستعداد؟ أين سندات السداد؟ أين جمال الأعمال ؟ أين أعدال الاعتيال؟ أين قرب القرب؟
Bog aan la aqoon